كيف لهذا الشعب ان يصدق النسور
هوا الأردن - طاهر العدوان
في الاقتصاد هناك فشل وهناك نجاح ، الفشل بيّن والنجاح كذلك. عناوين الفشل هي انتشار البطالة توقف النمو ارتفاع المديونية مع ارتفاع العجز في الموازنة . النجاح هو عكس هذه المؤشرات ، فأين تقف حكومة النسور من هذه المعادلة ؟.
على ارض الواقع الفشل هو العنوان الكبير لهذه الحكومة لأن كل ما ذكرت من مواصفات ينطبق عليها ، مع ذلك لو انك طرحت سؤالا على رئيسها دولة الدكتور عبدالله النسور ان كانت حكومته ناجحة اقتصاديا ام فاشلة فإنك لن تتلقى جوابا شافيا ، صدق او لا تصدق ان رئيس وزرائك أعطى هذه الإجابات المتناقضة حول وضع الاقتصاد خلال ٢٠ يوما .
في بداية الشهر الحالي قال في مقابلة مع مجلة الاقتصاد والأعمال اللبنانية انه " ماض في عملية الاصلاح بعد ان تجاوزنا المراحل الحرجة في مسيرتنا الاقتصادية " . وفي ١١ آب الحالي اكد النسور خلال لقائه برؤساء النقابات المهنية انه على الصعيد الاقتصادي تحققت نجاحات كثيرة مشددا على ان جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية تحسنت ، لكنه وبعد ٦ ايام فقط اي في ١٧ آب اعلن في مؤتمر صحفي " ان الاردن في أسوأ وضع اقتصادي في تاريخه " .
وسط هذه البلبلة التي أثارتها تصريحات النسور المتناقضة ب ١٨٠ درجة حاول كثيرون الاجتهاد في فكر الرئيس الاقتصادي لكني لم اسمع ولم اقرأ احدا يشيد بهذه البلبلة او انه يرى فيها فائدة إنما ضرر بهذا الاقتصاد ، ومن اجل الموضوعية انقل بعض الاجتهادات القائلة بان النسور في مؤتمره الصحفي كان يوجه رسالة الى دول الخليج ( بأسلوب الحقونا) لحثهاعلى مساعدة الاردن ماليا ، لكنهااجتهادات لا تستقيم مع حقيقة ان الدول تتابع وتراقب التصريحات المتناقضة وبأنها ستقع في نفس البلبلة والغموض الذي وقع فيه الأردنيون . فأي أقوال يصدقون ؟ تلك التي أعلنت تجاوز الاقتصاد المراحل الحرجة وبان جميع مؤشراته قد تحسنت ، أم تلك التى اختتمت مزاد التصريحات بالقول بان الاقتصاد في اسوأ وضع في تاريخه !!.
كيف لهذا الشعب ان يصدق حكومة منذ يومها الاول وهي لم تقدم له من خطط اقتصادية الا تلك التي تتعلق باستنزاف دخله نتيجة رفع الدعم وزيادة الضرائب والرسوم على كل صغيرة وكبيرة من معاملاته في التجارة والصناعة وشؤؤن بيته . كيف لهذا الشعب ان يصدق حكومة استبسل رئيسها في بداية عهده امام الاعلام معلناً بان قراراته مصيرية وأنها ستنفذ الموازنة من العجز ، بينما يرى هذا الشعب ان حجم الإنفاق لحكومته قد زاد بعد عام ونصف من عمرها اذ يقدر في النصف الاول من هذا العام ب ٣،٦مليار دينار مقابل ٣،٢مليار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي ومقدار هذا الارتفاع يصل الى ٣٦٠،٨مليون بنسبة زيادة تصل الى ١١٪ ، إذن هذا الرئيس لم يوقف العجز بكل سلته الضريبية انما زاده .
وكيف لهذا الشعب ان يصدق بان حكومة دولة رئيس الوزراء عبد الله النسور قادرة على تنفيذ الخطة الاقتصادية العشرية التي قام الملك بتوجيه الحكومة للسير فيها منذ مطلع العام وهي الحكومة التي وقبل ان تبدأ اول صفحة من الخطة ، اعلن رئيسها بان الاقتصاد الوطني في اسوأ وضع في تاريخه ! حكومة تبدأ اول عام للخطة بشهورها الاولى برفع النفقات بدل تخفيضه . حكومة سجلت المديونية في عهدها اعلى مستوى لها حيث تجاوزت ال ٢٠ مليار دينار .
وكيف لهذا الشعب ان يصدق بان هذه الحكومة قادرة على تنفيذ خطة اقتصادية عشرية وهي التي تلقت اعلى مساعدات في تاريخ الاردن في عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٤ والتي بلغت ٥،٦ مليار دولار من ضمنها المنحة الخليجية ولم تنجح في تحويل هذه المنحة الى مشاريع رأسمالية على الارض تسمح بصرفها حسب الشروط التي وضعها المانحون ، وفي هذا المجال هناك فشل جلي وبيّن. إما انه فشل في تلبية شروط الإنفاق او انه فشل سياسي يتحمله الوزراء المسئولين عن العلاقة مع الدول الخليجية .
يضاف الي ذلك ان الخطة العشرية التي ترتكز على الشراكة مع القطاع الخاص والى جذب الاستثمار والى المساعدات الخارجية وابدأ بالأخيرة وأقول بان حكومة عجزت عن استثمار المنحة الخليجية بعد عامين من تقديمها ، هي عاجزة عن استثمار اي مساعدات مقبلة ، وأما عن قدرتها على جذب الاستثمار فالشك كبير اذ كيف ستقوم بذلك وهي لم تنجح اولا في إقامة الشراكة الناجحة مع القطاع الخاص ، لقد أغرقت هذه الحكومة القطاع الخاص بالضرائب . ويبدو ان النسور لن يتراجع عن سياسة الجباية عندما كشف في كلامه الأخير امام جلالة الملك عن نظريته في ( الأصلاح الاقتصادي )القائمة على الضريبة هو يقول انه " مقتنع بانه كلما قلت الضريبة سيكون افضل للاقتصاد الوطني لكن لدينا ظروف مالية صعبة تعاني منها الخزينة " السؤال هو : اي رسالة تلقاها القطاع الخاص ان لم تكن رسالة تعرقل الشراكة ؟.
إذن لا نعرف كيف سيبدأ الاقتصاد الوطني بالمعافاة وحل مشاكل الفقر والبطالة اذا استمرت سياسة رفع وتوسيع الضرائب على الأفراد والشركات الإنتاجية والخدمية لتغطية الارتفاع في الإنفاق الحكومي ، الا اذا كان النسور بصدد تطبيق نظرية اقتصادية جديدة في الاستثمار سيطبقها في الخطة العشرية وعلى هذا الله يستر .
في التسعينات من القرن الماضي أجبرت رئيسة وزراء بريطانيا تاتشر ( المرأة القوية ) على الاستقالة لانها رفعت الضرائب ١/٢ بالمئة ورئيس حكومتنا يعرف ان الضرائب تعرقل النمو الاقتصادي ومع ذلك لا يريد ان يتخلى عنها وهو بالطبع لن يستقيل لانه لم يعد يخشى من الفشل ولا المساءلة عن تصريحات متناقضة هي اشد خطرا على سمعة الاقتصاد الوطني من ( حكاية تلوث الخضار في سيل الزرقاء ) في التسعينات التي جُرمت عليها وسائل الاعلام التي نشرتها بحجة ان النشر أضر بالاقتصادالوطني .