أين نقف اليوم
كل الخيارات أمامنا صعبة ومعقدة، وثوابتنا لا تعني أن الأردن يجب ألا يتحرك في نطاق المتغيرات التي تهدد أمنه ومصالحه، ولكن للخبرة الطويلة في التعامل مع التهديدات أهمية كبيرة لحماية أمنه واستقراره ومصالحه الاستراتيجية .
اختلاف الآراء والأهواء حول ما يجري في العراق وسوريا على وجه التحديد أمر طبيعي مثلما هو عليه الحال دائما، فمنطقتنا معتادة على القسمة منذ زمن بعيد، مؤمنون وكافرون، تقدميون ورجعيون، ثوريون وخونة، وغيرها من الثنائيات المتناقضة الآتية إلينا من محيطنا الإقليمي لتترك أثرا في المجموعات الوطنية، وحتى في الأسرة الواحدة !
مرة أخرى لا بأس في ذلك لأن نتائج الأحداث تحسم الموقف، وتبدي ما كان خافيا، ولكن في هذه المرحلة " غير المسبوقة " لا بد من مراجعة الثوابت ليس لتغييرها أو العودة عنها، بل لتثبيتها بشكل يناسب طبيعة التحديات، على مبدأ التوازن والاتزان والوسطية التي تكون فيها المسؤولية مضاعفة وثقيلة حين يتوجب على الدولة أن تضمن مصالحها، لا أن يفرض الآخرون مصالحهم عليها .
ثمة ازدحام وتضارب هائل للمصالح في هذه المنطقة، وليس من الممكن الركون إلى العلاقات التقليدية هذه المرة، وإذا كان لا بد من التحالف الإقليمي والدولي في مواجهة نوع محدد من الإرهاب، نعرف أفعاله بصورة واضحة، وقد نختلف على تحليل أصله وصلاته القديمة والجديدة مع الأطراف التي تحاربه اليوم، فإننا مدعوون أكثر من أي وقت مضى، لكي تكون قراراتنا قوية واضحة وحاسمة، لأن تحديد موقعنا الذي نقف عليه ضروري كي تعرف الأطراف جميعها أن على هذه الخارطة، هناك بلد اسمه الأردن ثابت الأركان، وذكي بما يكفي لكي يفهم اللعبة !