نواب الأردن يكافئون أنفسهم بـ«التقاعد الأبدي» بعد تمرير «تعديلات الدستور»..وسيناريو لـ«إنتخابات مبكرة»
يتوقع أن لا يمر ببساطة ذلك التعديل القانوني في البرلمان الأردني الذي منح بموجبه أعضاء البرلمان أنفسهم «تقاعدا مدنيا» مدى الحياة يصل في كلفته المالية إلى قيمة تقاعد الوزراء وأعضاء مجلس الأعيان.
كانت تلك عمليا مفاجأة غير سارة شعبيا لمجلس نيابي يبتلعه الرأي العام أصلا بصعوبة ويتربص به بعض أصحاب القرار خصوصا وان الخزينة تشتكي من الضغط المالي والبلاد تواجه صعوبات إقتصادية متعددة.
مبكرا وبمجرد توصية النواب بالتقاعد لأنفسهم مدى الحياة بدأت حملة شعبية مضادة للتخلص من التركيبة الحالية خصوصا بعدما تقلصت إلى حد كبير شعبية النواب الحاليين.
القرار يوفر «ذريعة سريعة» للتخلص من البرلمان الحالي ضمن برنامج مقترح خلف الكواليس قوامه فكرة حل البرلمان والدعوة لإنتخابات مبكرة «نزيهة» فعلا هذه المرة وإعادة تأهيل تيارات المعارضة وإيقاف تزوير الإنتخابات والقفز نحو «حكومة أغلبية برلمانية».
الجو أصبح يحتمل قفزة بهذا المعنى بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي عملت على تحصين صلاحيات الملك فيما يتعلق بالمؤسسات العسكرية والأمنية السيادية وهي تعديلات تم تسويقها أصلا على أنها جزء من سيناريو حكومة اغلبية برلمانية.
الإعتقاد يتعاظم في الوسط السياسي بأن البرلمان الحالي «غير مؤهل» لبرنامج وزارة أغلبية خصوصا وانه يخلو تماما من تمثيل للمعارضة الحقيقية وبعض الخبراء الأمريكيون يتحدثون عن تقارير وتوصيات لمؤسسة القرار الأردني بالإستعداد على هامش المشاركة في التحالف ضد الدولة الإسلامية بإنتخابات مبكرة.
يعتقد مسؤولون كبار بأن إستراتيجية التصدي ل «داعش» تتطلب «إصلاحات داخلية» تعمل على الإنصاف الإجتماعي وهي خطة موضوعة الآن في الأدراج وقد تنقل في اي وقت لمستوى حل البرلمان الحالي والتخلص منه تمهيدا لإنتخابات مبكرة.
محصلة القول الآن أن طموحات ومطامع النواب «المادية» بتحصين أنفسهم ماليا والحصول على «تقاعد أبدي» سلوك يفتقر إلى الحكمة السياسية ويوفر ذريعة للتخلص من المجلس الحالي مع «تصفيق» محتمل شعبيا لإجراء من هذا النوع.
مداخلات سريعة ظهرت وتنتج الإنطباع بأن معادلة النواب ضمن تعديلات قانون التقاعد المدني لا تحظى بالرضى فقد يعارضها القصر الملكي ورئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسورحيث يقول بأن الميزانية لا تحتمل هذا النمط من النفقات المالية للنواب أو لغيرهم.
رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي كان الوحيد بين أقرانه الذي اعلن موقفا مخالفا برفضه مقترحات «التقاعد الأبدي» لأعضاء مجلس الأمة بشقيه النيابي والعيني.
بين الرافضين بتهكم الرجل الثاني في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ زكي بن إرشيد الذي إعترض علنا على التعديل القانوني وتهكم على قانون الإنتخاب الذي يوصل نوابا من هذا النوع الطامع بإمتيازات شخصية مما دفع النائب زيد شوبكي لتذكيره بأن نواب جماعته قد حصلوا على تقاعد بدورهم في الماضي.
عمليا لم يتضح بعد موقف مؤسسات القرار من تعديلات النواب لكن على مستوى صناعة القرار يتبادل كبار المسؤولين ملاحظات يومية عن العبء الشديد الذي ينتجه نحو 150 نائبا على الحكومة والإدارات التنفيذية خصوصا وسط رصد مفارقة تمثلت في أن النواب قرروا لأنفسهم «تقاعدا أبديا» مباشرة بعد تمريرهم للتعديلات الدستورية الأخيرة وكأنهم يميلون إلى تحصيل «مكافأة» على تمريرهم السريع لهذه التعديلات.
الحسابات المالية للإجراء الجديد لم تنجز بعد ووزير المالية الدكتور امية طوقان يقاوم بضراوة بطبيعة الحال والنواب اختاروا لحظة مناسبة للتقدم بتعديل سبق أن قدم مرتين ولم يحظ بالنجاح.