لا تتفاخر لدينا مليون مثلك
تستقبلُك هذهِ العبارة عند دخولِكَ أرضَ الهندِ العظيمة، تحترمُ إنسانيةَ الجميعِ وتجعلُ منَ الجميع سواسيةً أمامَ القانون. لستُ أمدحُ علمانيتَهم، ولكن أتأسّفُ على قصورِ إسلاميّتِنا.
هذه العبارة التي تدقُّ في الأذهانِ ناقوسَ أزمة الأخلاق التي نعاني منها كمجتمعاتٍ عربية. بعد غيابِ سنتين وخلالَ زيارتي مدة 7 أيام للأردن استنتجتُ أنّ هذا المجتمع يعاني ما يُعانيه من أزمةِ أخلاقٍ بالسلوكِ الاجتماعي في العقلِ الجمعي للناسِ. الخالقُ فرضَ الأخلاقَ مفتاحاً لسلامةِ وتوازنِ الحياة حين بعثَ الرُسلَ جميعاً وخاتم الأنبياء ليتممّ مكارمَ الأخلاق.
أهلُ القانون تساءلوا منذُ الأزل: هل يُضبَطُ الإنسانُ بالأخلاق أم بالقانون؟ فكانت الإجابة تحضُرُ حضارةً تلو حضارة "إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت فإن هُم ذهبَت أخلاقُهم ذهبوا".
استهتارٌ في الأرواحِ وصلَ حجماً غيرَ مسبوق من جرائمِ القتل التي وإن وشت عن شيء إنما هي تشي عن حقدٍ على الإنسانية. غيابُ الضوابط الأخلاقية أدّى للقتل على الأرصفة والطرقات وأبواب العمارات.
49689 مطلوباً عددُ حصيلةِ حملةٍ أمنيةٍ نفّذَتها مديريةُ الأمنِ العام على مدارِ عامٍ مضى، وفقَ مصادرَ أمنية، أكّدت زيادةَ معدلِ نسبةِ الجريمةِ في المملكةِ خلالَ الأعوام الأخيرة، الزيادةُ التي اعتُبِرَت أمرٌ طبيعي، إذ يرونها نابعةً من الزيادةِ الطبيعية في عدد سكان المملكة، إضافةً إلى الزيادة القسرية، جرّاءَ تدفقِ اللاجئين إلى الأردن. أمّا أنا فأرفضُ أن أرى فيها أمراً طبيعياً، نعم..أزمةُ الأخلاقِ بطبيعتها قديمة، لكن تجذُّرها في مجتمعنا هو الجديد.
زيارةٌ قصيرةٌ كانت كافية لتزرعَ فييَ ذهولاً لحقه قلقٌ وأبقى حتى الآن في دواخلي الهمّ، إذ حاصرتني هذه الجروح الأخلاقية التي تطعنُ كل يومٍ في جسدِ الوطن. حزنٌ اجتاحني حين شهدتُ أثرَ غيابِ الأخلاقِ في ما هو سائدٌ من توتُّرٍ وتشنجٍ واستهتار بالقانون..لتعودَ العبارةُ وتثيرُ فييَ التساؤلَ كلَّما قرأتُها على مكتبي الخاص حيثُ وضعتُها، أنَّه هل تستطيع النخبة الأردنيةُ جعلَها ثقافةً نعيشُها وتعيشُنا؟! أسعى لذلك