كيسنجر دعم سقوط صدام وعارض بناء العراق 2-2
في عرضي البارحة لكتاب هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق، الصادر مؤخرا عن دار «بنغوين» في نيويورك تطرقت الى مفهومين طرحهما كيسنجر وهما «تسليح الدين»، و»تقليص الدولة».
الكتاب الواقع في 420 صفحة، مهم للغاية، لانه يحلل أساس النظام العالمي، ويقرأ مستقبل هذا النظام، وعبر هذه القراءة يتطرق الى شؤون العالمين العربي والاسلامي والصين وايران وروسيا.
يعتقد كيسنجر بجرأة ان قضية فلسطين، فقدت الحاحها، لكنها لم تفقد اهميتها، وفقدان الالحاح هنا نتيجة تحولات كثيرة في المنطقة، وبطبيعة الحال فأن فقدان الالحاح، او الصدارة، أمر يلمسه كل أهل المنطقة، ولم يأت كيسنجر هنا بجديد.
السنين الاخيرة التي حرقت المنطقة جراء الصراعات، دفعت القضية الفلسطينية الى الوراء، فوق ان كل الحاضنات الشعبية التي تحيط بفلسطين مثل سوار، تم تدميرها امنيا واقتصاديا ومذهبيا، وسط حروب لاتتوقف.
استخلاص كيسنجر يعني بالضرورة ان الربيع العربي وصراعاته، لم تؤدِ الى نتيجة لصالح القضية الفلسطينية-كما كان متوقعاً- بل يرى هنا ان الربيع تم القفز على اكتافه، وثبت ان القوى الريفية والمحافظة والقوى الامنية والاقتصادية الممتدة في جذور المؤسسات والمجتمعات، نجحت معا، في افشال غضب الشباب، ومطالباتهم بالحرية وبحقوقهم.
في جانب آخر من الكتاب يتطرق كيسنجر الى الملف العراقي، فيكشف انه كان مؤيدا لاسقاط النظام العراقي في زمن صدام حسين لكنه كان ضد اعادة بناء العراق، وان واشنطن كانت تريد من اسقاط نظام صدام اثبات قدرتها على تحويل دولة دكتاتورية الى دولة ديموقراطية متعددة الاتجاهات، وهو مالم يثبت لاحقا.
يصف كيسنجر جهد الولايات المتحدة في العراق بكونه سيزيفيا، اي انه بلا جدوى، ولن يحدث اي تقدم، ويقيم كيسنجر حالة العراق، فيعتبره مركز الاقليم من حيث كونه قلب الصراع الديني والطائفي، بل ويذهب بعيدا ان انتاج عراق ديموقراطي متعدد اصعب بكثير من اسقاط دكتاتورية العراق.
الكتاب يتناول الاسئلة الخمسة الشائكة المطروحة على الولايات المتحدة اليوم، بشأن دورها في تشكيل النظام العالمي الجديد، وهو يطرح تحديات واسعة في الكتاب بخصوص كل دول المنطقة، ومناطق اخرى في سياق قراءته للنظام العالمي الجديد قيد التشكل، والواضح، ان هناك جانبا غامضا في قراءة كيسنجر تاركا اياه للزمن، لان الاجابات الحصرية تبقى عرضة للتقلبات.
كتاب كيسنجر الجديد اثار ضجة في الولايات المتحدة، وهو كشخصية لعبت دورا خطيرا في القرار الامريكي على مدى خمسين عاما، حاول ان يقدم قراءة عميقة لمستقبل العالم، الذي يعيش تحولا واضحا.