إرهاب الإرهاب واجب وطني
بالنسبة لكثيرين فإن الحرب على الارهاب فاقدة لشرعيتها الاخلاقية او منقوصة الشرعية على ادنى تقدير , لأكثر من سبب ليس اولها ارهاب الكيان الصهيوني وحظوة هذا الارهاب بالدعم الدولي والغربي تحديدا , ولا آخرها ان الارهاب المُستهدف في الحلف الدولي الجديد جرى انتاجه ودعمه والصمت عليه غربيا وعربيا من بعض الدول التي تشارك في الحرب ضده الآن .
الاستثناء الوحيد ربما في هذا التقييم , الموقف الاردني الذي إتخذ طريق مواجهة هذا الارهاب منذ بروزه بشكل حاد بعد احداث سبتمبر , وبداية مواجهته عالميا , قبل ان يتمدد ويستنسخ ويتشقق الى اكثر من اسم وتسمية , تِبعا للحاضنة الاستخبارية التي انتجته ورعته , كذراع لاعمال تصفية سياسية على مدارات خطوط العرض والطول , وكفزّاعة لانظمة ودول , فمعظم اجهزة الاستخبارات رأت في تقسيمه تارة بالتدعيش وتارة بالباكوية الحرامية وما تيسر من نصرة وخلافةٍ , فرصة لتصفيته بالتقسيم وذراعا للتذليل .
داعش هو النسخة الاسوأ لكل منتجات تنظيم القاعدة وهو الاكثر تطرّفا والاكثر دموية , وهو النسخة الوحيدة التي شقّت عصا الطاعة على امير التنظيم في تورا بورا , وهو ايضا الوحيد الذي انتزع ارضا ليقيم عليها خلافته , فوجد لفكرته جغرافيا لتُصبح دولة الخلافة التي يتشدق بها التنظيم ليل نهار دون سند او ملمح من ملامح السلف الصالح , وربما يكون اول اشتقاق للانشقاق عن فكر القاعدة العسكري الذي ينجح في الحصول على جغرافيا لتثبيت فكرته ,
كل هذه التطورات وكل هذه التجديدات تؤكد ضرورة مواجهة التنظيم بحزم ليس على الصعيد العسكري فقط بل على كل الاصعدة , فحاصل جمع الفكرة مع الجغرافيا إن سُمح له بالنجاح سيكون كارثة على الاقليم برمته وستكون هذه الجغرافيا مستودعا لنشر القنابل البشرية والمفخخات في كل الاقطار , والخاسر الاكبر سيكون من يستشعر فقدان شرعية الحرب عليه , فهو بالعادة يختار الخواصر الرخوة من افراح وبيوت عزاء وتجمعّات بشرية , وكلنا يعلم ذلك فما زالت ذكرى الفنادق ماثلة امام اعيننا بضحاياها واماكن تفجيرها وما زالت الكاميرات تنقل لنا بشاعة الافعال الاجرامية في الاقطار الاخرى من القاهرة الى بغداد ودمشق وباقي المحافظات السورية .
مواجهة هذا التنظيم وشقيقاته من اسماء وتسميات ستكشف عن كثير من المفاجآت وإذا اتيح للعالم رؤية تلك المفاجات فسيكون العالم كله على موعد مع المعرفة لطبيعة تكوين التنظيمات الارهابية واسماء الاجهزة التي رعتها والحواضن السياسية التي انتجتها , تلك الحواضن التي رفضت حتى اللحظة الحلف على داعش بحجة الحلف الغربي الكافر ,ناسية انها كانت تُقبّل وجنتي الغرب ولا نقول شيئ اخر من اجل التدخل ضد النظام السوري وقبله النظام العراقي بل ودعت الى مواجهة النظام المصري الجديد .
كان مفهوما واكثر معقولية لو طالبت الجهات الرافضة للحرب على داعش دخول الغرب , والاكتفاء بقوة ردع عربي لذلك التنظيم او ان تبدأ تلك القوى بتفكيك منهج الدواعش ومواجهته , لكنها تثبت انها جزء من العبث السياسي السائد في الاقليم وذراع كل افعاله مرتكزة على ادانة داعش وعلى استحياء لأن المنبت واحد والدعم واحد .
فما من تنظيم ديني , للآن هدد داعش اذا حاولت عبور الحدود الاردنية او توعدها بالمواجهة , ولا قدم جهدا ولو قليل لاظهار منهجها الخوارجي , قبل ان يدين مشاركة الاردن في الهجمات على داعش ناسيا ان عدم ارهاب الارهاب فيه مخاطر على البلاد والعباد , وستصلنا النار شئنا ام ابينا فقد وصلتنا قبل سنوات وحاولت الوصول طوال السنوات السابقة لولا سياج الوطن ودرعه العسكري والامني .