مظاهر قلق أمنية في الشارع الأردني
يوجه الإسلاميون في الأردن رسالتين في الوقت نفسه لا يمكن إيجاد قواسم جذرية بينهما.
يقفون في الأولى علنا عبر حزبهم الرئيسي «جبهة العمل الإسلامي» خلف «أي خيارات» وراء الجيش العربي ويتجهون في الثانية نحو قرار مؤسساتي يرفض المشاركة الأردنية في التحالف ضد تنظيم «داعش».
الرسالة الأولى سجلها لصالحه الشيخ محمد الزيود الأمين العام الجديد لحزب جبهة العمل الإسلامي ذراع الإخوان المسلمين حيث أطلق الرجل تصريحا يندد بالتطرف ويغازل قرار مؤسسة الدولة في المشاركة بالتحالف ضد «داعش» ضمنيا قبل إعلان الوقوف خلف خيارات المؤسسة العسكرية دوما وبدون تفاصيل.
وفي الثانية سجل مجلس شورى جماعة الإخوان «برلمان الجماعة» وهو أرفع مؤسسة إخوانية ملاحظات مباشرة ضد خيار المساهمة الفعالة في التحالف معيدا التذكير ان الإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه الكيان الصهيوني منذ 60 عاما.
مجلس الشورى رفض مشاركة الأردن في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على تنظيم الدولة في مدينة الرقة السورية، مؤكداً رفضه لهذه الخطوة التي تتناقض مع مصالح المملكة وأكد المجلس أن «أصل التطرف هو الفساد والاستبداد الذي تمارسه أنظمة الحكم المتجبرة، الأمر الذي فرّخ ردات فعل، نرفض أساليبها وسلوكاتها التي تناقض المستقر في شرعنا الإسلامي الذي قدّم نموذجا عظيما، في الحرية والمواطنة والتعايش والسلم الاجتماعي طيلة عقود».
الأهم أن أخوان الأردن إعتبروا ما حصل في اليمن مماثل للإنقلاب الحاصل في مص عبر تكريس نفوذ التحالف الغربي الإيراني.
الموقفان المتناقضان في الشكل بخصوص المشاركة الأردنية في التحالف ضد «داعش» قد لا يعكسا إنقساما في الرأي داخل نخب الأخوان المسلمين بقدر ما يوفران الفرصة لتعددية كل الأراء وللتوظيف السياسي خصوصا وان إعلان الولاء لمؤسسة الجيش عبر تصريحات الشيخ الزيود يحصل بعد إعتقالات أمنية طالت إثنين من كوادر الإخوان بتهمة تقويض نظام الحكم تم الإفراج عن أحدهما.
تبادل الأدوار هذا صالح تماما لإعادة ترتيب الوضع الداخلي في مؤسسات الإخوان المسلمين على صعيد العلاقة مع السلطة خصوصا وان مؤسسات الدولة منشغلة حاليا بإدارة عوائد ومكاسب ومخاسر الإنضمام العلني للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش».
مسألة الإنضمام وتحديدا تصدر خبر مساهمة طائرات سلاح الجو الأردني بالقصف داخل الأراضي السورية لا زالت تثير الجدل والتجاذب داخل الرأي العام فقد صدرت مجددا مذكرة برلمانية تبناها المخضرم خليل عطية وتحذر من عواقب هذه المجازفة.
عطية وفي مناقشة مع «القدس العربي» عبر عن إستغرابه من الأداء الحكومي في هذا الموضوع والمذكرة البرلمانية وقعها ثمانية أعضاء في مجلس النواب أعلنت معارضة المشاركة في التحالف لأنها في غير صالح الدولة الأردنية.
لكن الأهم التكهنات التي أثارها في الرأي العام قرار مفاجىء بتركيب «رادارات إنذار» في الشوارع العامة وفي بعض مناطق العاصمة حيث أثار التركيب هنا موجة من التحسب والقلق الشعبي لأن الأردنيين يشاهدون لأول مرة أعمدة إنذار بينهم من النوع الحديث.
السلطات ربطت بين هذه الأجهزة ومتطلبات الدفاع المدني وليس الأغراض الأمنية أو العسكرية لكن الجدل حول أجهزة الإنذار هذه ترافق مع شائعات بالجملة تسربت لكل الأردنيين عبر وسائط التواصل الإجتماعي تحدثت عن إجراءات أمنية وإخلاء بعض المولات التجارية الضخمة.
خلال الساعات الـ 48 الماضية تبادل الأردنيون آلاف الرسائل القصيرة التي تحذر عشية عطلة عيد الأضحى من زيارة المولات الكبيرة لأغراض التسوق بسبب إحتمالية حصول تفجيرات.
تطمينات السلطات والجاهزية الأمنية أخفقت بتقليص مظاهر قلق الناس الأمني بعد الإسترسال في مغامرة «داعش» مما أثر سلبا وبقوة على الحركة التجارية وتفاعلات الأسواق عشية موسم تسويق مهم للعديد من القطاعات التجارية.