ذهب هرقلة...ويبقى المسلسل مستمرا
في المؤتمر الصحفي الذي عقده دولة الرئيس وثلة من الوزراء، والذي اعتقد بأنه كان مؤتمرا للتهديد والوعيد وحملة لتكميم الأفواه من جديد، أشار دولة الرئيس الى تقصير الإعلام الرسمي فيما يتعلق بذهب هرقلة، وعدم وقوفه الى جانب الحقيقة وتوضيحها، كما شن حملة على مطلقي الإشاعات ومروجيها مهددا ووزراؤه باتخاذ كافة الإجراءات بحقهم.
كلام جميل ولكن ماذا بالنسبة لهذا الإعلام الذي ما فتئ يسبح بحمد المسئول ويقدسه مظهرا إياه على انه المهدي المنتظر أو الفاتح العظيم، ولا يجرؤ على نشر إلا المعلومات الواردة إليه من المسئولين والمسموح له بنشرها فقط.
كلنا يعلم علم اليقين أن الخلل الذي حدث لا يقع اللوم فيه على المواطن مطلق الإشاعة لوحده، وذلك لانعدام الثقة بينه وبين كافة مؤسسات الدولة بلا استثناء.
إذا كان دولة الرئيس صاحب الولاية العامة لا يعرف حقيقة ما جرى إلا متأخرا، ألا يدل ذلك على أن الدولة تعمل بمنطق غوار الطوشة "حارة كل مين أيده اله"؟، ثم ألا ينطبق عليه مقولة الزوج آخر من يعلم؟ ثم ألا يشي ذلك بوجود خلل ما في منظومة التواصل والتنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة؟
ثم يسألونك عن الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة؟ إذا كانت حادثة بسيطة كهذه، تصدى لها عدد كبير من الوزراء والمسئولين وكل يروي الحكاية على طريقته الخاصة، فكيف تطلبون من المواطن البسيط منزوع الثقة والدسم أن لا يقوم بتأليف القصص والروايات عن حوادث وهمية يطلقها هنا وهناك في ظل غياب أو بالأحرى تغييب المعلومة الصحيحة عنه، متناسين أو متجاهلين أن وسائل اتصال المواطنين هي أقوى وأخطر من كل وسائل التواصل التي تملكها الدولة سواء كانت رسمية أو غير رسمية، واعني بذلك وسيلة الإشاعة التي جاوزت حدود الوطن، وصاحب الولاية العامة لم يعرف بما جرى إلا بعد استفحال الوضع وبدأ يطاول رموز في الدولة عن قصص وحكايات تشبه ألف ليلة وليلة.
حادثة بسيطة كتلك، وضعت البلد على صفيح ساخن، واستنفرت كل أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية في محاولة للوصول الى الحقيقة، وفي نهاية المسلسل يتم تقريع المواطن وإلقاء اللوم عليه، وهو الذي فقد كل مقومات الثقة بينه وبين أجهزة الدولة بعد أن خلعت لباس الهيبة والوقار عنها من تلقاء نفسها.
لن أقول أكثر مما قيل في هذه الشأن خشية الاتهام بإثارة الإشاعة وكشف أسرار الدولة بعدما تعهد وزراء الحكومة بإحالة كل من ينبس ببنت شفه الى القضاء لينال عقابه الرادع بموجب قانون قراقوش الذي فرضه الوزراء المعنيين على المواطنين بعد تلك الحادثة.
همسة أخيرة في أذن دولة الرئيس وإعلامه المرعوب، في نشرة إخبار الثامنة والتي بثها التلفزيون الأردني يوم الثلاثاء، أشار المذيع الى أن رئيس هيئة الأركان المشتركة هو الفريق أول الركن خالد مشعل الزبن، وقد خيل لي أن هناك خلل في حاسة السمع لدي وأنني مصاب بالطرش، إلا أنني توثقت أن سمعي سليم 100% بعدما سالت الحاضرين معي عن ذلك، وفي ظل إصرار التلفزيون على ذلك تأكدت أن نظري أيضا 6/6 حيث تم كتابة اسم الفريق أول خالد مشعل الزبن على الشريط ثم تم إزالته بعد لحظات بعد أن تأكدوا أن رئيس هيئة الأركان هو الفريق أول مشعل الزبن وليس خالد مشعل الزبن.
وفي نفس النشرة أيضا أشارت المذيعة الى صدور الإرادة الملكية بتعيين الذوات التالية أسماؤهم أعضاء في المحكمة الدستورية ولمدة خمس سنوات، ونحن نعلم أن المدة القانونية هي ست سنوات وليس خمس سنوات كما يحلو للمذيعة.
هذا هو إعلامك المرعوب دولة الرئيس والذي من خوفه بات لا يستطيع كتابة خبر أو حتى قراءته بالشكل الصحيح، وبالتالي لا تلق باللوم على المواطن والمواقع الإخبارية، فكثير منها يعمل بجد واجتهاد في محاولة للوصول للحقيقة مهما كلفه الثمن، وان وجد بينها بعض الغث فذلك عائد لسياساتكم ليس إلا.