جلالة الملك ما زلنا بانتظار ثورتكم البيضاء
جلالة الملك... تعلمون جلالتكم ومنذ زمن أن الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة قد شابها الكثير جدا من الخلل والزعزعة وقد أفصحتم جلالتكم عن ذلك أكثر من مرة. وقد سبق وناديتم بثورة بيضاء تطهر الأماكن والمواقع التي يشغلها من لا إنتماء عندهم ولا يمتون للأردن وأهله بصلة ولا تربطهم به سوى المنفعة التي تعلمون جلالتكم يقينا أنها لم تجلب الخير للأردن, بل عبورهم جلب لنا الويلات مما دفعكم للمناداة بثورة بيضاء لم نلمس منها إلا اسمها. لقد انتظرنا لنرى ملامح ما ناديتم به وما زلنا ننتظر وكأن من تأملون بهم القيام بذلك لا يسمعوكم بل يتجاهلوا ما تنادون به جلالتكم وهم حقيقة لا يختلف عليها أردنيان بأنهم وقود ثورتكم البيضاء وهم السبب الذي دفعكم لذلك حيث أن سلوكهم وأداءهم ونهجهم أمور لم تعد خافية على عجائز وأطفال بني كنانه أو القصر وبالضرورة لا تخفى على جلالتكم.
جلالة الملك... إن حادثة ما سمي بكنز عجلون وما رافقها من روايات رسمية متناقضة تنم عن مدى اللامسؤولية والإستهتار نتج عنها الإشاعات والأقاويل والتفسيرات التي طال جلالتكم الكثير منها. لقد كان أداء الحكومة قاصرا عن أن يدير الأزمة التي شغلت الرأي العام وما زالت وجاءت الرواية الأخيرة بحضور رئيس هيئة الأركان المشتركة في ظل ما يتمتع به الجيش العربي من مصداقية ونزاهة ليثبت لنا أن الحكومة معرّاة وهي تعلم أنها ليست أهلا للتصديق فاستنجدت بالمؤسسة العسكرية لتداري تقصيرها واستهتارها. وفي الواقع, ما زالت الناس بين مصدق ومكذب ويعود ذلك لعدم الصدقية الي أفرزها انعدام الثقة التي تعلموها جلالتكم بين المواطن من جهة وبين الحكومة والبرلمان من جهة أخرى.
إن جلالتكم لتثلجون صدورنا عندما نستمع لأقوالكم وتوجيهاتكم ونبقى نترقب تعليق الجرس لنتابع ما سيتم تنفيذه من أوامر وتوجيهات سامية.
لكن لسوء الحظ والطالع أن من تكلفوهم بالتغيير وتأملون بهم خيرا يا جلالة الملك هم من يجب أن يكونوا باكورة من تطيح بهم ثورتكم البيضاء.
جلالة الملك... لقد بينت حادثة الكنز بما لا يدعوكم للشك أن مصداقية وانتماء وولاء موضع ثقتكم ليست من الوطن والمواطن بشيء, بل ثبت لكم ولنا وبكل وضوح أن التدليس نهجهم والكذب وسيلتهم والإستهتار عنوانهم وأن الأردن بكل سكانه هو الخاسر والخاسر, جلالتكم, لا بد من أن يعمل على تعويض خسارته ليستعيد وضعه ويستجمع قوته حتى يستطيع البقاء والإستمرار. لقد مللنا النهج السقيم والسياسات العرجاء والخطاب المستهتر والتضليل المتواصل. المسؤولية سيدي تقع على عاتقكم إذ لم يعد لدى الناس ما يجعلها تتحمل وتصبر على تخبط وتضليل الحكومات فإن أردتم انقاذ البلد فعليكم بهم فإنهم غير معجزيكم ونحن معكم. لقد انكشفت الحقيقة ولم يعد هناك مجال للإنتظار والحلم والتأني, فاشرعوا بثورتكم البيضاء بدءا ببطانتكم ومستشاريكم وناصحيكم فهم سبب البلاء والذين يزينون لكم الواقع المر ولا ينقلون الحقيقة طمعا برضائكم ولا هم بمنتمين للأردن بل كل مطمعهم البقاء بقربكم ليستظلوا بظلكم.
جلالة الملك... أصدقكم القول أن الألسنة بدأت تتقول عليكم بسبب التخبط والتراجع والتمادي بالخطأ وانعدام الأداء السليم.
أنتم جلالتكم كبير الأسرة ورأس الهرم المؤسسي فلا يعفيكم تقصير الحكومة المتراكم وأداؤها الضعيف في الظروف الصعبة والعادية.
لم يعد هناك مبرر للإنتظار والتسويف إلا بقدر ما يراد الإساءة به للمواطن. تعلمون جلالتكم عدم الرضا الشعبي عن أداء الحكومة والديوان الذي لم يعد يرى به الأردنيون بيتا يأويهم من مظلمة أو ينصفهم من إجحاف أو يلبي حاجتهم بسبب من تعتقدون جلالتكم أنهم أهل لثقتكم.. فماذا تنتظرون؟؟!! فإن لم تبدأوا بثورتكم فلن يبدأها من تعولون عليهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه. جلالة الملك... الأردن أصبح بحاجة ماسة ليفتح الباب أمام الوطنيين الغيارى الذين ينتظرون فك الحصار عنهم ليخرجوا من قماقمقهم التي ضربت حولهم لينفرد البرامكة والعابرون بمقدرات الأردن.
لقد حان وقت العمل وإن متأخرا ليشرعوا بتنفيذ توجيهاتكم التي لم تجد سامعين لها ممن يتقلدون مفاتيح التنفيذ الآن. لا شك تعلمون جلالتكم أن التهميش والإقصاء للجادين والغيورين يخلقا إحباطا خطيرا ينعكس سلبا وسخطا لدى الكثيرين من أبناء الوطن الذين تغلق الأبواب بوجه مساعيهم لخدمة وطنهم والنهوض به. فلنقض على الإحتقان ومسببيه الذي إذا لم يتم تداركه وبالسرعة الممكنة سينجم عن انفجار ظروفنا الراهنة وما يحيط بنا كفيلة بالتغذية التي لا نتمناها.
فهيا بنا نشمر عن سواعدنا حتى نجهض تآمر المتآمرين وتربص المتربصين ونكنس الفاسدين ليبقى الأردن الحصن المنيع ومأوى الغيارى والوطنيين. جلالة الملك... لقد أخفت هذه الحكومة والمعنيين الكثير عن الشعب لدرجة جعلت اللوم والشائعات تتجاوزهم عاموديا وأفقيا لتبلغ ما دأب البعض على تسميته بالخطوط الحمراء وهو ما يخلق حالة من عدم الإستقرار والبلبلة لا تحمد عقباها. فسراع سراع بالتنظيف والتطهير والكنس لمن لا يتوافق نهجه وعمله مع مصلحة الأردن والمواطن.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com