الحاضنة السلفية "الأردنية" تخفق في تبرير تصرفات "داعش"
الإنتقاد المنقول عن الشيخ أبو محمد المقدسي لتصرفات تنظيم «داعش» في العراق خصوصا فيما يتعلق بقتل وذبح الرهائن الأبرياء يساهم في توسيع مساحة الإحراج التي يشعر بها السلفيون العرب في الوقت الذي تتعرض فيه الدولة الإسلامية في العراق وسوريا للقصف والحرب وهي تحمل يافطة المجاهدين. الشيخ المقدسي رفض في وقت سابق وخلال وجوده في منزل زميله المنظر البارز عمر عثمان الحديث مع الصحافة عموما وقال انه سيميل إلى الصمت والإمتناع عن التعليق.
قبل ذلك إستمعت «القدس العربي» مباشرة للشيخ المقدسي وهو «ينتقد» إحتجاز وقتل الرهائن من حيث المبدأ مبلغا «جبهة النصرة» في سوريا انه يقف ضد هذه التصرفات معتبرا أنه «لاحظ» على تنظيم الدولة الإسلامية مشيرا إنهم في الدولة يعرفون رأيه تماما في هذا الأمر خصوصا فيما يتعلق بعمليات الإعدام أمام الكاميرات التي تحصل بدون سند شرعي.
في مداخلة سابقة شهيرة له حذر المقدسي من تصرفات «السفهاء» الذين يمكنهم تقليد عمليات القتل بدون أساس شرعي لكنه أبلغ بعد الإعلان عن عمليات التحالف ضد «داعش» بأن ملاحظاته وإنتقاداته ينبغي أن لا يستفيد منها أعداء الإسلام.
لاحقا ومساء الخميس نقلت تقارير أردنية محلية عن أنصار التيار السلفي و المقدسي إعتراضه على قتل الرهينة البريطاني العامل في مجال الإغاثة الإنسانية وهو أمر يظهر مجددا الإخفاق فكريا ونظريا في التوافق مع بعض التصرفات التي تتبناها تنظيمات «داعش» حتى رغم التضامن العلني أو التعاطف معها.
من المرجح أن السلطات الأردنية مهتمة بترويج مواقف النسخة الأردنية من القيادات السلفية الجهادية التي تنتقد تنظيم «داعش» رغم أن قيادات كبيرة من بينها المقدسي والشيخ أبو محمد الطحاوي والشيخ أبو قتاده نأت بنفسها عن مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في موقف لا أحد يعرف مبدأيته بسبب الكلف الأمنية المتوقعة في حال المبايعة بالساحة الأردنية.
بجرأة واضحة وقف مشايخ من بينهم المقدسي ضد إستهداف تنظيم الدولة عسكريا ومسلسل المبايعات لـ»داعش» لم يشمل بعد حلقات في التعبيرات السلفية والجهادية الأردنية كما يوضح المحامي موسى العبداللات.
لكن بالدرجة نفسها من الجرأة لا يستمع الرأي العام المحلي لنظريات تساند التصرفات «الشاذة» لأعضاء تنظيم «داعش» خصوصا في العراق أو في سوريا وتحديدا عندما يتعلق الأمر بقتل وإعدام مندوبي الإغاثة أو النشطاء الحقيقيين أو المدنيين الأبرياء. ماكينة التيار السلفي الجهادي الأردني تعجز تماماعن «تبرير» أو توضيح بعض التصرفات خصوصا عندما تكون عمليات القتل أمام الكاميرا مجانية وخالية من الأهداف العسكرية مما يضعها في دائرة العمليات الشريرة لعصابات إجرامية حسب الشيخ الدكتور مراد حمدي.
اللافت أن المعترضين على تنظيم «داعش» من السلفيين الأردنيين يشاركون في تساؤلات نقدية في اللقاءات العامة فقد سأل احدهم الشيخ الطحاوي عن مستوى «تحريم» ملامسة المرأة للرجل القتيل أو العكس بعد ظهور صورة لإمرأة داعشية تحمل رأسا مقطوعا.
التساؤلات نفسها على المنابر حول «شرعية» سلوك رجل من «داعش» إلتقطت له صورة وهو يحمل رأس إمرأة كردية تم قطعه فيما شعرها الطويل يتدلى في الهواء… إستفسر البعض عن الأمر من الشيخ المقدسي مباشرة فأفتى بحرمة واضحة في الإسلام لملامسة المرأة والرجل بكل الأحوال.
تصرفات «داعش» الغريبة أو الشاذة بدأت تزعج القيادات والكوادر التي يمكنها أن تدعم ولو عاطفيا تنظيم الدولة في ساحة سلفية نشطة مثل الأردن وتندرج تحت بند التصرفات التي لا يمكن تبريرها أو الدفاع عنها بكل الأحوال مع التذكير مما حذر منه الشيخ المقدسي علنا مبكرا بعنوان «سلوكيات السفهاء» الخالية من الغطاء الشرعي.
دون ذلك وبالتوازي معه تسعى السلطات الأردنية لإظهار إهتمامها بعدم توتير الأجواء مع التيار السلفي الجهادي المحلي حتى خلال الإشتباك عسكريا مع عمليات التحالف ضد «داعش» وعلى أساس ان الموقف ضد «داعش» نفسها وأخطارها.
الرسالة الأخيرة في هذا الإتجاه برزت عند تمكين الشيخ أبو قتادة بعد الإفراج عنه من تحصيل الوثائق المدنية التي تخص جنسيته وحقوقه الدستورية كمواطن أردني خلافا لكل التوقعات حيث تحجز بالعادة وثائق المحكومين بالقضايا الأمنية خصوصا من السلفيين.
أبو قتادة يعتبر من كبار الناقدين لتنظيم «داعش» وسبق أن وصفه بأنه «فقاعة هواء» وحصوله على وثائقه المدنية إلتزاما باتفاقية تسليمه الموقعة مع الحكومة البريطانية خطوة جديدة من السلطات لتحييد التيارات السلفية المعتدلة قياسا بـ»داعش» على الأقل في الساحة المحلية.