نعمة الفقر
رغم أن الفقر احد الوحوش الذي ينهش لحوم البسطاء في كل يوم، وكابوس يطاردهم ويلاحقهم في كل مكان وزمان، إلا انه نعمة واكبر نعمة لبعض الناس ، فعندما تتحدث مع بعض الفقراء وتسأله: لو أنك تملك مال كثيراً، فماذا ستفعل بهذا المال ؟ سيقول سأفعل كذا وكذا ...فمعظم أفعاله ستكون انتقامية من تلك الأيام التي عاشها في حرمان .
لا نريد أن نعيب على الفقراء وأبناء الفقراء ، فهذه أقدار كتبت عليهم، ورزق قسمه الله لهم ، لكن المصيبة أو الكارثة هي عندما يمتلك هؤلاء الفقراء للمال سرعان ما يضعوها في غير مكانها ، فالشاب الفقير أول ما يقع في جيبه مبلغ زائد، يبدأ يفكر بالتدخين ومن ثم يتطور الوضع للخروج إلى الكوفي شوب وشرب الاراجيل ، ثم إلى مستوى أعلى من الانحرافات التي ما انزل الله بها من سلطان .
أما النساء، فإذا ما حصل زوجها الفقير على سلفه مالية من عمله، أو على قرض بنكي ، فيكون من أولويات شرائها هو هاتف (لمس ) لتحاكي جاراتها (على الواتس) عن طبخاتها اليومية ، ثم تنتقل لشراء الميكروويف وغسالة صحون وجهاز تخفيف وزن ، ومن ثم تتذكر أو أنها تقوم بتأجيل الديون المتراكمة على زوجها ، (وتقول له بأن الغرض بالدار مكسب) وتنسى صاحب الفرن الذي يطالب زوجها كل صباح بثمن الخبز ، وتغفل عن بائع الخضار الذي ينتظر سداد الدين منذ شهور ، ولا تحسب حساب زوجها الذي سيقوم صاحب السوبر ماركت برفع الشيك الذي وقع عليه ثمن للسكر والرز والزيت للمحكمة ، فنقول لمثل هؤلاء النسوة: (بدها مخافة الله ، و أن تتق الله بزوجها ) .
نحن لا نقوم بالتعميم ، لكن نقول هذا هو حال معظم الناس وخاصة بعض الفقراء الذين يحصلون على المال ويأتيهم دون عناء وتعب ودون أن ينزف منهم قطرة عرق واحدة جراء تحصيلهم لهذا المال ، فهذا الشيء يحتاج إلى إدارة حكيمة ويحتاج إلى مخافة الله ( خاصة من النساء ) ، ونحمد الله ألف مرة على نعمة الفقر .