ماذا تريد إسرائيل من الأردن
تشهد العلاقات الاردنية - الاسرائيلية الرسمية بين الحين والاخر مراحل توتر وشد سياسي واعلامي ، على خلفية ممارسات ومواقف اسرائيلية سواء تجاه الشعب الفلسطيني او تجاه قضايا تخص الاردن بشكل مباشر او غير مباشر وعلى راسها قضية القدس ومقدساتها.
وتظهر بين الحين والاخر مواقف اسرائيلية متطرفة تعبر عن التيار الذي يتعامل مع الدولة الاردنية باعتبارها جزءا من الحل للمشكلة الاسرائيلية عبر افكار الوطن البديل والتوطين ، وبعض هذه الآراء ترى في الاردن الدولة التي يجب ان (تتطوع) لتبني حلول للقضايا الشائكة في مسار الحل النهائي مثل الدولة المستقلة الحقيقية واللاجئين والنازحين وحتى الحدود وامنها .
ورغم كل الاستفزاز الاسرائيلي الرسمي او من تيارات سياسية صهيونية الا ان الاردن تحمل الكثير وبقي محافظا على الحد الادنى من العلاقة وهي معاهدة السلام ، واستطاعت الجهات الرسمية ان تتجاوز المطالبات الشعبية والنيابية الاردنية بالغاء المعاهدة او حتى قطع العلاقات الدبلوماسية ، ولم يكن هذا مجانيا او سهلا على الجهات الرسمية الاردنية وبخاصة في مراحل العدوان الصهيوني المتكرر على غزة وغيرها ، وايضا قضية اغتيال القاضي زعيتر ، فضلا عن الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المسجد الاقصى وارتباطه بالولاية الاردنية على المقدسات .
وما تشهده العلاقات الاردنية - الاسرائيلية أكثر توترا مما شهدته العلاقات المصرية - الاسرائيلية ، لكن الاردن بذل جهدا كبيرا بل خارقا في التعامل مع كل السياسات والاجراءات الصهيونية ، يضاف اليها عمليات الافشال المنهجية التي قامت بها كل انواع الحكومات الاسرائيلية لمفاوضات السلام مع الفلسطينيين ، وبخاصة ان الاردن كان صاحب الجهد الدولي والاقليمي الابرز في السعي لادامة عملية التفاوض ووصولها الى نتائج ملموسة تحقق مصالح الشعب الفلسطيني .
لكن استمرار عمليات الاستفزاز الصهيوني ، وتبني الحكومات الاسرائيلية لسياسات ومواقف محرجة للاردن وضاغطة على الحكومات الاردنية يجعلنا نسأل بوضوح :- ماذا تريد اسرائيل من الاردن ؟!
هل تريد اسرائيل ان تصل بالاردن الى مرحلة تصبح فيه العلاقة الاردنية الاسرائيلية عبئا على الدولة داخليا وخارجيا ؟!
ام تريد ان تضع الدولة الاردنية في وضع حرج امام الاردنيين ، واظهار الاردن عاجزا عن الرد على الاستفزاز الصهيوني ، وتحويل العلاقة الاردنية الاسرائيلية الى ملف اردني داخلي ضاغط بشكل سلبي على المعادلة الاردنية ؟!
وهل تريد اسرائيل ان تصل بالاردن الى مرحلة اتخاذ اجراءات سياسية ودبلوماسية جراحية في علاقاته معها ، لتعزيز موقفها السلبي تجاه المفاوضات والحقوق الفلسطينية ، وبخاصة ان الاردن هو الاكثر حرصا على ان تبقى عملية السلام فاعلة وان تصل الى نتائج لمصلحة الفلسطينيين ؟
في عالم السياسة ليس هنالك حب وغرام بين الدول ، فالمصالح هي التي تحكم ، وليس لدى احد وهم بأن اسرائيل دولة تحب احد ، او لها صداقة ، فهي دولة تضحي بأي طرف من اجل مصالحها ، كما ان الجميع يدرك بأن التطرف وقواه في تصاعد لنفوذها في كيان الاحتلال .
لكننا ندرك ان الاردن يدرك المعادلة العربية الهشة ، وله مصالح مع الدول الكبرى ، وجزء من قوته مصداقية خطابه وسياساته ، لكن العلاقات مع اسرائيل يجب ان تجلب له مصالح لا ان تتحول الى عبء يومي على صانع القرار نتيجة ما تفعله اسرائيل .
نعلم جيدا كم هو الحقد والتطرف لدى تيارات صهيونية تجاه الاردن ، لكن العلاقات مع الاردن مصلحة لهم ، لكن مجمل مسار السياسات الاسرائيلية يجعلنا نسأل :- ماذا تريد اسرائيل ؟! ، وايضا ماذا يريد الاردن ؟!
samih.m@alrai.com