النواب وخطاب الملك
هذه عناوين خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، وكان خطابا موجزا قويا تناول كل محور بعبارات مركزة.
ولم يكن صدفة في سياق سرد الانجازات أن يبدأ الملك بتذكير النواب بتدشين مرحلة الحكومات البرلمانية .. وهذا التوضيح يعني أن يأخذ النواب في اعتبارهم ان هذه ليست تجربة عابرة بل افتتاح أو" تدشين " لنهج سيستمر في اطار الاصلاح وتفعيل المشاركة الشعبية في صنع القرار. فلن تذهب حكومة أو تأتي جديدة الا في اطار المشاركة النيابية في القرار.
افتتح الملك حديثه بالقول ان الأردن لن يسمح للمخاطر والتحديات أن تكون حجة أو ذريعة للتردد في مسيرة الاصلاح. ثم انتقل الى التحدي والهاجس الأكبر الداخلي وهو الفقر والبطالة حيث تم اقرار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وصندوق تنمية المحافظات. وأشار الملك الى المشاريع الكبرى مثل جر مياه الديسي، وتطوير مطار الملكة علياء الدولي، وتطوير ميناء الحاويات والنفط والغاز الـمُسال، ومشاريع الطاقة، وخاصة المتجددة والبديلة، و تطوير قطاع السكك الحديدية،وعلى صعيد الإصلاح السياسي تحدث الملك عن المهمات القادمة.. قانون البلديات واللامركزية أولاً، ثم قانون الانتخاب. وبعد الحديث عن فلسطين والعدوان الاسرائيلي والموقف في سوريا أكد الملك بأوضح العبارات مسؤولية الأردن الأخلاقية والوطنية والقومية والدينية في مواجهة ظواهر التطرف والارهاب مذكرا بالاسم الذي ما زال يحمله شعار القوات المسلحة "الجيش العربي".
ثم أشار الملك الى حصّة المؤسسة البرلمانية من الإصلاح باستمرار تطوير آليات عمل مجلس النواب، ومن ضمنها النظام الداخلي وإقرار مدونة السلوك( المدونة التي سبق وان صوتت اكثرية على ردها) اضافة الى تكريس عمل الكتل النيابية على أساسٍ برامجي وحزبي.
الخطاب وضع مجلس النواب أمام مسؤولية كبيرة ومحددة للاضطلاع بدوره في مسيرة الاصلاح وحتى يضطلع المجلس بهذا الدور فهو مطالب بالسهر حثيثا على تجويد آليات عمله وتطويرها وهذا ما يحسّن صورته أمام الرأي بدل استمرار الشكوى من ظلم وسائل الاعلام للمجلس. يجب عدم التردد في ادخال المزيد من التطويرات على النظام الداخلي لمجلس النواب والانفتاح على كل فكرة في كل مرفق وكل مفصل يحتاج الى تطوير يرفع كفاءة العمل وانتاجيته وديناميكيته ويوسع المشاركة. وقد ارتحت ان رئيس المجلس المعاد انتخابه الزميل عاطف الطراونة اشار في كلمته عقب انتخابه الى استمرار تنقيح النظام الداخلي بقدر ما تظهر الحاجة الى ذلك. وثمة حاجة وأيما حاجة لتعديلات اضافية وخصوصا في آليات عمل اللجان والعمل تحت القبة.
واقع الحال أن مجلس النواب يعود الآن للعمل في دوره جديدة و صورته في عيون الناس محبطة. ويحصل مجلس النواب بالعادة على درجة من الرضى تراوح حول 25% في استطلاعات الرأي العام، لكن تسريبات عن استطلاع جديد أجري لحساب جهات في الدولة ولم يعلن عنه فإن شعبية المجلس هوت الى 7%.
ولعل الاستطلاع أجرى عقب قضية التقاعد المدني التي أثارت سخط الرأي العام كله. وقد سرت مخاوف في بعض أوساط النواب ان نتائج هذا الاستطلاع تنذر بحل قريب للمجلس! وأنا لا أجزم أساسا بصحة المعلومات عن الاستطلاع وفي كل الأحوال لا اعتقد ان شعبية المجلس في الاستطلاعات هي التي تقرر بقاءه أو رحيله.
انما على المجلس - وسأقترح ذلك - ان يعقد جلسات تشاورية جانبية للتفكير مليا في هذا الأمر ووضع الخطط لتجويد الاداء وهذا هو السبيل لتحسين صورته أمام الرأي العام والأهم ان يلعب دوره بصورة افضل وأقوى مسيرة الاصلاح .