الفوضى الخلاقة.. والليبرالية
تقوم الأنظمة الليبرالية على تسخير النهج السياسي والاجتماعي في خدمة أصحاب المال والاقتصاد ,بينما أنظمة حكم الفرد المطلق ,أو الحكم الديكتاتوري أو النازي تقوم على تسخير الاقتصاد والحياة الاجتماعية في خدمة النهج السياسي,الذي يخدم الانتماء للقومية أو الدين والاعتقاد, تعارض واضح بين النظامين أدى إلى صراع وحروب طويلة الأمد مثال الحروب العالمية ,والحرب الباردة ,واستمرار ممارسة ضغوطها على تلك الأنظمة من خلال شعار حقوق الإنسان و درجات مكياله,والحصار الاقتصادي, وضرب اقتصاد الدول وإفقارها لتلجأ إلى الاقتراض من صندوق البنك الدولي مفتاح التدخل لإضعاف القرار السياسي وسيادة القرار الاقتصادي على الحياة بشكل عام,سبق كل ذلك صراع الليبرالية مع الكنيسة التي حاربت الربا الذي يقوم عليه النظام الرأسمالي,ووصم عصر الكنيسة بعصر الظلام تحت شعار ثورة التنوير,ومحاربة القيم تحت شعار الحرية الفردية الأمر الذي تصدى لها ومنذ بدايتها المحافظين حتى في أمريكا الشمالية وفي أوروبا ,سياسة ما زالت تمارس ليومنا هذا في محاربة الأديان ووصمها بالظلام والإرهاب ...............
منذ بداية قيام الثورة الليبرالية ومبادئها المعلنة العدل والمساواة, دستورية الدولة، والديمقراطية، والانتخابات الحرة والنزيهة، وحقوق الإنسان، وحرية الفرد, وحرية التملك الفردية, ومسمياتها الليبرالية الاشتراكية (منح الدولة بعض الصلاحيات مثل الضمان وبعض الخدمات تضليل المواطن الغربي وعدم تفضيله النظام الاشتراكي) وثورة التنوير ,هذه المبادئ حاكت منذ بدايتها شعور الإنسان وحبه للحرية والعدل,مبادئ خدعت الإنسان عندما اكتشف أن لكل شعار من شعاراتها المعلنة يحقق أهدافها المبطنة وهي ما نراه من إحداث وفتن ونهب ثروات وتجارة أسلحة وقتل وتشريد وفقر وجهل وتفكك اسري, وانعدام الأمن والأمان والتجارة في جسد ونفس البشر واستعبادهم...........
كل ذلك يحدث في ظل النظام الرأسمالي الليبرالي الذي استحوذ على الدولة من خلال المال السياسي الذي مكنهم من جميع السلطات التي استغلت في تجريد الدولة من واجبات الرعاية والخدمات وخصخصتها للمتنفذين ,واستغلال السلطات في خدمة مصالحهم من خلال إلغاء تحديد الأسعار خدمة للمحتكرين, وتحجيم قوانين العمل والعمال لتوفير الأيدي العاملة الرخيصة,وتشريع قوانين تحد من دور رعاية الأسرة لنفسها ضمن شعار حرية الفرد التي تعني التحرر من القيم ,وبالتالي هدم الترابط الأسري وترابط العشيرة وتفكيك المجتمع وهدم الانتماء,فهذه من مبادئ الليبرالية التي تعبد المادة وتنتمي إليها , كل ذلك أدى إلى تحقيق الفوضى الخلاقة التي تم التخطيط لها من قبل الليبرالية...............
البحث عن هوية الليبرالية يمكن التوصل إليها من خلال شعاراتها التي مارست التضليل على الإنسان الأوروبي أولا امن خلال شعار العدل والمساواة الذي مكن اليهود من الاندماج في المجتمع الأوروبي ,ومن ممارسة الربا التي حاربته الكنيسة ومن خلال محاربة القيم التي تحافظ على الأسرة والمجتمع والتي تصدى لها ومنذ بدايتها المحافظين في أوروبا وأمريكا ,ومن خلال الدعم المالي من قبل اليهود لليبراليين في الحرب العالمية ,ومن خلال تجيش جيوش الغرب في تحقيق مصالح اليهود , ومن خلال خلق العداوة والفتن بين الشعوب كما في إحداث 11 سبتمبر, والكثير من الأمثلة..............
من خلال ما ذكر فان قراءة المستقبل القريب للوطن العربي أصبحت من الممكن ,فعلى صعيد الحكم في الوطن العربي سيغلب عليه نهج دستورية الدولة ,فالحكم الفردي السياسي لا يخدم مصالح الرأسمالية التي تقوم عليها الليبرالية ,وهذا بات واضحا في ضعف القرار السياسي أمام القرار الاقتصادي ,ومن خلال ما ذكر فان الإجابة على الكثير من الأسئلة تصبح ممكنة, مثال سبب من تم إبقائهم من الحكام,ومن تم تجريدهم من السلطة ومن تم قتلهم في ظل الفوضى الخلاقة ,جواب لأسباب الانقلاب على الأحزاب ذات النهج السياسي الديني,جواب للفتن بين السنة والشيعة وذلك ضمن ما تقوم عليه الليبرالية ,جواب يكشف أسباب عدم تقديم الدعم للأردن كونه الوحيد المتبقي متمسك بالقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى ,بقي أن نقول في هذا الواقع , الحمد لله رب العالمين حمدا يخرجنا من القنوط من رحمة الله واليقين أن الأمر كله يعود لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعل إخوانه من الأنبياء والمرسلين وعلى اله وأزواجه وصحبه ومن تبعه أجمعين .