السيناريو الاصعب على الاردن
بعد تمكين ما يسمى داعش من السيطرة على معظم محافظة الانبار العراقية في غرب العراق، على الحدود الشرقية مع الاردن وسوريا والسعودية، وإنسداد الافق نحو المصالحة العراقية فيما بين طوائفه وقومياته المتشابكة، يبدو لي ان ملامح الدولة العقائدية الاصولية السنية على حدودنا الشرقية يؤسس لها بشكل منظم وذلك هو السيناريو الاكثر إحتمالا من وجهة نظري !.
وهذه الدولة إن تشكلت سوف تدعم من بعض الدول العربية الخليجية في نهاية الامر، بسبب انها لا تتفق عقائديا مع دولة الشيعة التي تشكلت عمليا في العراق، بعيد العام، 2003. الذي كان لحكومتي رئيسي الوزراء السابقين، ابراهيم الجعفري ونوري المالكي، دور في تأسيسها بسكوت من امريكا متغاضية عن طبيعتها الطائفية اولا، ودعم سياسي من الإدرات الامريكية المتعاقبة لممارساتها بما فيه إقصائها للمكون السني العراقي ثانيا.
فالمكون السني لم يستسلم، بعد أن إعتاد على السيادة والادارة والحكم في بلده لفترات طويلة من تاريخ العراق قبل إحتلاله من قبل القوات الامريكية الغازية وتحالف تلك القوات العملي مع سياسات المكون الحزبي الشيعي العراقي، الذي بدوره نسق مصالحه مع جارته ومثله الاعلى إيران. اما امريكا فهي تستخدم اجهزتها المخابراتيه ووسائلها التكنولوجية الآن لخلق الظروف والاسباب لتشكيل ثلاثة دول في العراق وهي لا تخفى على كثير من المراقبين وهي
1. دولة الكرد القومية المستقلة في الشمال العراقي، وسوف تقلق الاتراك والايرانيين
2. دولة السنة في غرب العراق وسوف تقلق الاردن واسرائيل وسوف تشكل مخاطر امنية على حدودنا الشرقية وتزايد على الاردن الدولة الاردنية ومكونها صاحب التوجه القومي المكين، بتمحرشها بإسرائيل القلعة العسكرية المحمية من الغرب.
3. الدولة الشيعية في شرق وجنوب العراق وهي الدولة التي تنسق مع ايران وتتماهى مع توجهها الديني والعرقي. هذه الدويلات الثلاث لن تعرف الاستقرار بسبب تنافسها على ثروات العراق وبسبب الاجندات الطائفية في الاقليم، ناهيك عن الاستقطاب الديني ما بين السعودية ودول اخرى في الاقليم من ناحية وايران ومن يتعاون معها في نفس الاقليم من ناحية اخرى، والتي سينشأ عنه حرب ضروس تستمر لعقود، وهذا ما تذهب الية عديد الدراسات في الغرب والشرق.
اما روسيا فستحافظ على النظام السوري الذي سيستمر في حدود دولته المنكوبة حتى ينجلي الوضع في العراق.
اما داعش التي خلطت الحدود وكثير من الاصطفافات الفكرية، فسينتهي مسماها وستتحول الى دولة رعب تخيف الخائفين وتغري الطامحين في الاقليم، وقد يتعاطف معها الكثير من الاحزاب الدينية السنية وكذلك شرائح واسعة من الجيل الجديد الشاب للخروج من مأزقه، واملا في حل مشاكله التي لم يجد لها حل وبسبب الاغراآت المالية التي تقدمها تنظيمات او تعد بتقديمها لهم !
وهذا سوف يجعل لكثير من الناس تعدد ولاآت بعضها ظاهري واكثره باطني ! وتتحول ادارات بعض الدول الى إدارات فاشله بسبب تمرد فئات في مجتمعها.
اعتقد بان هذا السيناريو هو الاصعب على الاردن، الذي سيفاجئه الموقف الامريكي في قابل الايام، وهو إعادة تغيير الخرائط والصراع مع روسيا والصين على منابع النفط الخليجي وتمكين إسرائيل من إداء دورها بالوكالة وهو الموقف لا تفصح عنه تماما ولا عن مواقفها غير المعلنة، التي تهم سياساتها من ناحية وتتفق مع بعض الدول العربية الغنية، التي جل همها هو الوقوف امام صعود ايران العسكري والتكنولوجي، ومقارعة النظام السوري العنيد، واهداف اخرى اعمق مما تتحسب له الدولة الاردنية، التي تعاني من المديونية وتنوء بعبئ اللجوء المتزايد المزمن بسبب الازمات والحروب التي ليس لها يد فيها او قدر على إدرائها، علاوة على ان اسرائيل لا تتوقف عن احراج الاردن بسبب التحرش بقدسية المقدسات الاسلامية في القدس والتقليل من اهمية ولاية الاردن الدينية على القدس وتفريغها من مضمونها عمليا امام مواطنيه والعالم العربي والاسلامي، في محاولاتها الدؤوبة لتغيير الاطار المكاني والزمني لمفاهيم وعقائد استقرت لقرون طوال، والله من وراء القصد.