في شأن الصحافة
كلما استمعت الى خطاب او حديث لجلالة الملك اجد رغبة وتوجيها في محاربة الفساد والفاسدين بلا هوادة ، ومع ذلك ثمة من يتحدث عن جيوب محدودة للفساد ما زالت تسرح وتمرح في هذا الاتجاه او ذاك .
باعتقادي ان الفساد لا تخلو منه دولة في العالم ، النسب هي التي تختلف ، بلاد فيها نسبة فساد عالية وبلاد اخرى منخفضة ومنخفضة جدا ، قانون من اين لك هذا ضروري جدا ان يرى النور قريبا في ربوعنا الاردنية ، على الاقل كي يضع حدا للتغولات التي يتحدث البعض عنها .
في موضوع الصحافة مصيبة بل كارثة ان نجد الفساد قد دخل الى أروقتها ، وفساد الصحافة له اوجه كثيرة ومتعددة لا يمكن حصرها ، لكن لو عرجنا على بعض منها قد نجد فيه فائدة للقارئ الكريم ، الابتزاز مثلا اتهمت فيه الصحف الصفراء في اقطار مختلفة كما كانوا يصفونها ، كذلك مجلات لها سمعتها كانت تمارس الابتزاز السياسي والمالي ، سمعنا قصصا تحدثت عن الملايين ولم تكن تقبل بالآلاف ، على العموم هي مجرد قصص وحكايات قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك .
طبعا يدخل في هذا المضمار اطلاق الاشاعات والتجريح وتسويء السمعة واغتيال الشخصية وغيرها من المقارفات التي تخرج عن اخلاقيات المهنة .
طيب ماذا نسمي هيمنة رموز معينة على الصحافة الرسمية او شبه الرسمية سيما اذا كانت هذه الرموز ليست على قدر كاف من الكفاءة ، الا يندرج مثل هذا الأمر في خانة الفساد ، واحتكار المنصب ، وفرض الأمر الواقع رغم انف شاء من شاء وابى من أبى ، بحجة ان مثل هؤلاء الذين هم من اهل الحظوة ، مرضي عليهم من هذه الجهة او تلك أو موصى عليهم من هذه الدائرة او تلك .
قلنا ان حرية الصحافة رغبة ملكية كريمة وسامية ، لكن هذه الحرية التي ننشدها جميعا يجب ان تتحلى بروح المسئولية الوطنية والاخلاقية ،التي تبحث عن الحقيقة وتقدمها لجمهور الأمة المتعطش لمعرفة الحقيقة كما هي بحلوها ومرها ، والتماسها من مصادر موثوقة ، هذه المسالة لا تتأتى في يوم وليلة ولا تحكمها عصا الساحر ، تجربتنا القديمة مع الحقيقة الضائعة او ضالتنا المنشودة القت بظلالها على القناعة العامة ، ما دفع بالكثير من جمهور الأمة الى تصديق الاشاعات او الاعلام المعادي في غياب المصداقية والشفاقية .
مثول رئيس تحرير صحيفة مرموقة امام المدعي العام على ضوء شكوى من مجهول ، اخذت حيزا من الهرج والمرج في اوساط متباينة من شرائح مجتمعنا الأردني ، تناقلتها بكثافة وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية ، بيد أن عدالة قضائنا الاردني اوقف موجة السخط العارمة التي رافقت هذه الواقعة غير المستساغة ببراءة الاستاذة القديرة غنيمات من الشكوى المجهولة التي تحمل في ثتاياها الحقد والضغينة على انسانة كافحت ونجحت، فيبدو ان قوى الشد العكسي حسب اعتقادي لا يروق لها ان ترى صحافة نزيهة اخذت على عاتقها حرية التعبير بمصداقيتها المعهودة في اطار ميثاق الشرف الصحفي الذي طالما تحدثنا عنه والتزمنا به ، لكنه قد لا يعجبهم او لم يسمعوا به اصلا ، همهم تعكير صفو هذه المسيرة النزيهة ليس الاّ .