النسور يعتبر حزب الإخوان المسلمين «ضرورة وطنية» في النسيج الأردني ورسائل «ناعمة» دون التدخل في قضية اعتقال بني أرشيد
اتجاهات رئيس الوزراء الأردني الدكتورعبدالله النسور خلال الاستقبال اليتيم منذ عام تقريبا لوفد من قيادات جبهة العمل الإسلامي بعد أزمة اعتقال الرجل الثاني في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ زكي بني ارشيد تبدو أقرب لـ «كلمات متقاطعة» حسب مسارات اللقاء.
اللقاء تم بحضور ثلاثة وزراء في الحكومة ومشاركة ثلاثة من قادة جبهة العمل الإسلامي هم علي أبو السكر ومحمد الزيود ومراد العضايلة.
يمكن ببساطة ملاحظة غياب قيادات تاريخية كبيرة من جيل رئيس الوزراء عن لقاء مجاملة من هذا النوع.
ويمكن ملاحظة ان اللقاء ترتب بعدما طالبت شخصيات إخوانية عريقة بتدخل شخصيات سياسية من بينها رئيس مجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري ورئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز.
فكرة اللقاء لم تكن «رسمية تماما أو مبرمجة» وترتبت بالمصادفة خلال وجود القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ علي أبو السكر بمقر رئاسة الوزراء في شأن خاص وحصل تجاوب سريع من قبل مكتب رئيس الوزراء.
استقبل رئيس الحكومة في خطوة ذكية عمليا ثلاثة من القيادات الشابة المتهمة عمليا في التشخيص الحكومي بالعمل على تغيير قواعد اللعبة والامتناع عن تقدير «حجم التضحيات» التي قدمها القرار السياسي المركزي وهو يحاول الإفلات من ضغوط سيناريوهات التصعيد ضد الجماعة الإخوانية.
لم ينتج عن اللقاء سياسيا «أي مكسب» ملموس للإسلاميين خصوصا في إطار قضية الاعتقال السياسي التي طلبوا اللقاء أصلا من أجلها حيث لم تصدر وعود بشأن الإفراح عن الشيخ إرشيد واعتذرت الحكومة رسميات بلباقة عبر الإشارة إلى أنها «لا تتدخل في سلطات القضاء».
عمليا يعرف الإسلاميون ان ملفهم في المستوى الأمني والاستراتيجي في الدولة وليس عند الحكومة ورئيسها لكن رئيس الوزراء هو المعبر عن سياسية الدولة كما يقدر المسؤول الإعلامي في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة.
رغم ذلك كان التلاقي مع النسور الفرصة الوحيدة المتاحة لإيصال موقف وملاحظات الإسلاميين أملا في تجنب التصعيد حيث لا يوجد منذ نحو عامين اتصالات من أي مستوى مع القرار السياسي أو الدولة العميقة في الجهاز السياسي.
لذلك اتخذ اللقاء طابع الاجتماع الكلاسيكي التواصلي بين رئيس حكومة وحزب مرخص وهووضع بروتوكولي يجعل الحديث منحصرا في الإطار البيروقراطي بعيدا عن الملفات العميقة العالقة بين الجانبين مما يبرر حضور وزير التنمية السياسية والبرلمانية خالد كلالدة للقاء أصلا إلى جانب وزير الداخلية حسين المجالي.
بصورة مرجحة يمكن القول إن وفد الجبهة الإسلامية لم يتوقع مغادرة مقر رئاسة الوزراء وفي يده مذكرة بالإفراج عن الشيخ بني إرشيد والمطالبة بوقف الاعتقال السياسي رد عليها النسور بالإشارة إلى ان جميع الهيئات والمواطنين تحت القانون وحكومته لا تسمح بتجاوز القانون.
في المقابل ألمح الشيخ الزيود لوجود ميول حكومية للتحشيد ضد الحركة الإسلامية ما نفاه النسور جملة وتفصيلا.
لاحظ المتابعون ان النسور ظهر «رقيقا» إلى حد بعيد وهو يحاول نفي خطط التحشيد ضد الإخوان أو وجود سيناريوهات ضدهم وللتصعيد مصرا على ان حكومته تحترم حزب جبهة العمل الإسلامي وتعتبره «واجهة وضرورة وطنية مهمة» وتقدر ان الحركة الإسلامية جزء من نسيج المجتمع.
لذلك يصف العضايلة ردا على استفسار «القدس العربي» أجواء اللقاء بأنها «ودية فعلا ورقيقة» ومغرقة في النعومة.
يؤكد عضايلة: لم نلمس من الجانب الحكومي أي خطاب « اتهامي» من ذلك النوع الذي تشير له تقارير صحفية والطابع اعتذاري فيما يخص قضية الاعتقالات السياسية وخلافا لما تلمح له الصحافة الرسمية أو غيرها لم نتلمس «رسائل خشنة».
هذه النعومة قابلها الوفد الإخواني بعد لقاء الثلاثاء ببيان منهجي حزبي يخلو من التصعيد عمليا ويستعرض مجريات اللقاء ويتحدث عن مذكرة قدمت للرئيس تتضمن مطالب الحزب الأكبر في البلاد.
التحليل الأرجح ان النسور تقصد من اللقاء عزل حكومته عن أي سياقات تصعيدية ضد الإخوان المسلمين مستقبلا وإظهار قدر من حسن النية تجاههم وطمأنتهم بأن حكومته لا تمضي باتجاه سحب ترخيص الجماعة السياسي كما لوح النسور قبل أيام.
بالمقابل وجد الإسلاميون قناة يظهرون فيها من جانبهم عدم رغبتهم في التصعيد أصلا واهتمامهم بالبحث عن ملاذ آمن للخروج من أزمة اعتقال وتوقيف ثم محاكمة الشيخ ارشيد الذي رفضت السلطات القضائية الإفراج عنه بكفالة بداية الأسبوع الحالي في اتجاه تصاعدي يوحي ضمنيا بأن قرار الدولة المركزي هو إدانة إرشيد بتهمة الإساءة لدولة شقيقة هي الإمارات.