حقوق الإنسان والديمقراطية مجرد كذبة نتجمل بها
قبل عدة أيام تسلم رئيس الوزراء تقرير حقوق الإنسان الذي أعده المركز الوطني لحقوق الإنسان ثم قام النسور بتسليمه الى جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله
ورغم أننا لم نطلع على مضمون ماورد في التقرير وهذا حق لنا وحق لكل مواطن حيث أكتفت الحكومة بالإشادة بماورد من معلومات في التقرير المذكور وراحت تروج له في وسائل الإعلام وصار الأمر بالنسبة للمهتمين بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية وكأن الأردن واحة للديمقراطية فيما أن الكثير من الشواهد تدل على أن تقارير حقوق الإنسان المعدة سلفا هي مجرد روتين شكلي ولنذهب الى أبعد مدى ونقول أنها مجرد كذبة كبيرة يراد بها مخاطبة المجتمع الدولي ليظهر الأردن من الدول التي تحافظ على حقوق الإنسان وتسعى الى الممارسات التي تعزز هذا النهج فيما الواقع المرير يشير أن حقوق الإنسان تتراجع بشكل كبير في الأردن بذريعة وجود أحداث سياسية تعصف بالمنطقة العربية وبذريعة الدواعي الأمنية
ولانفهم كصحفيين بأي طريقة تفكر الحكومة وبماذا تفسر الحكومة التضييق على الحريات العامة وتكميم أفواه الصحفيين وذلك بسن التشريعات والقوانين وإصدار التعليمات بعدم نشر بعض الأمور التي ترى الحكومة أنها تعرقل مجرى العدالة فيما تجهل الحكومة أن ماتقوم به هو وضع العصي في دولايب الديمقراطية التي توقفت في الأردن عند محطة معينة ولم تبرح الحكومة هذه المحطة وكأن المسيرة الديمقراطية قد أكتملت في الأردن
حقوق الإنسان والديمقراطية ومايترتب عليها من إستحقاقات مثل حرية التعبير عن الرأي مجرد ترف لاضرورة له من وجهة نظر الحكومة بل قد ترى الحكومة أن المواطن الأردني ليس جديرا بالديمقراطية وربما لايستحقها وهذا مايدعوا للأسف ويثير الكثير من التساؤلات خصوصا إذا تعلق الأمر بحرية الصحافة فقد لاحظنا مؤخرا أن وسائل الإعلامي المرئي والمسموع والمكتوب أصبحت جميعها تحت المجهر فيما أصبح قانون العقوبات سيفا مسلطا على رقاب الصحفيين ويبدوا الأمر وكأنما نحن على عتبة مرحلة خطيرة المطلوبة فيها أن نرفع أقلامنا وتجف خلالها صحفنا فلايعد بمقدورنا أن نكتب عن أي شيء بإستثناء كيل المديح والإشادة بالمسؤولين أما إنتقاد المسؤول فهو جريمة تستوجب العقاب
نرى أن الحكومة مخطئة في ذلك ولاتجيد التعامل مع المستجدات الحديثة فالديمقراطية وفق مانعلم هي سياج منيع تحصن الجبهة الداخلية وتتيح للمواطن التعبير عن رأيه أما من يرى أن الديمقراطية تشكل خطرا عليه فماهم سوى من يخشون من أن تطالهم العدالة وذلك عندما يتم نشر غسيلهم وفضح عوراتهم
ولنكون أكثر واقعية فالأردن ليس بلدا مثاليا فتوجد به الكثير من الخروقات لحقوق الإنسان وعلى كافة الأصعدة بينما تقول الحكومة عندما يجري الحديث عن هذه الخروقات بأنها مجرد خروقات فردية ونحن نعلم والحكومة تعلم أنها ليست مجرد خروقات فردية ولو كانت على هذا النحو لما أحتاجت الحكومة الى تقرير عن حالة حقوق الإنسان في الأردن
نسمع ونرى العجب ونعيش في تناقض وإزدواجية ففي الوقت الذي تؤكد فيها مؤسسات المجتمع المدني الدولية أن الأردن يشهد تراجعا على صعيد حقوق الإنسان في الوقت ذاته تقول الحكومة أن المجتمع الدولي يشيد بتجربة الأردن في مجال حقوق الإنسان
نقول للحكومة أن مثل هذا الأمر لايحل المشاكل التي أصبحت مستحكمة ومن الصعب السيطرة عليها وأن كل ماتقوله حيال مثل هذا الأمر هو من باب ذر الرماد في العيون وتغطية الحقائق وهو مايتناقض مع توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني التي يدعوا فيها الى الحرص على كرامة الإنسان وصون حقوقه والغريب أن الحكومة تبدوا أنها لاتفهم مغزى ودلالات هذا التوجيه الملكي السامي كونها تتعامل مع القضية برؤية ضيقة وبعدم الإجتهاد رغم أن الملك نفسه يريد حقا أن يتبوأ الأردن مكانة بارزة في مجال حقوق الإنسان
ربما نحتاج الى الكثير من الوقت لنقطع بعض الأشواط البسيطة في مجال حقوق الأنسان وربما لاندري مايخبئه المستقبل لنا من مفاجآت على هذا الصعيد ولكن كصحفيين نرى أن هناك بوادر مرحلة مقبلة ...المطلوبة فيها أن ترفع الأقلام وتجف الصحف ويتحول الصحفي فيها الى مجرد بوق إعلامي في مهرجان الحكومة الكرنفالي