هل للأرهاب غطاء شرعي بلبنان
دخلت قضية العسكريين اللبنانيين,المحتجزين لدى الجماعات التكفيرية ,مسارآ جديدآ والدليل هنا ان قضية ألاسرى تم شرعنتها وأصبح الارهاب العابر للقارات والمحيطات والدول هو ارهاب شرعي بل اصبح وجوده الآن ضرورة عند بعض الاطراف بلبنان كأداة ضغط على حزب الله وقوى وحركات المقاومة الاخرى بلبنان بمحاولة لجلبها الى ميزان التسويات,,فهذه القضية بدأت تأخذ أبعاد عدة بضل تشرذم التيارات السياسية والدينية اللبنانية وعدم توحدها على موقف ثابت "وهو تشرذم متعمد ومقصود وممنهج من بعض هذه التيارات" ,,مما انعكس على قدرة المفاوضيين اللبنانيين بهذه القضية بشكل سلبي ,,وهذا بدورة سيعوم قضية ألاسرى ألى أبعد الحدود ,,وهذا بالضبط ما تبحث عنه بعض ألاطراف السياسية والدينية داخل لبنان وخارجه .
فبهذه المرحلة ومع دخول عامل جديد الى ارض لبنان وهو الإرهاب التكفيري الذي ضرب ببيروت بطرابلس بصيدا بالهرمل بعلبك وجرود بريتال ,والخ ,وآخر فصوله كانت عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية من جهة القلمون السوري المحرر,, فعرسال أصبحت قاعدة لهذا ألارهاب التكفيري ,,ومن هنا فمن الطبيعي الآن ان نرى ان حزب الله وبعض حلفائه بالداخل اللبناني يتعرضون بهذه المرحلة تحديدآ الى هجمة سياسية شرسة وماسيتبع ذلك من التحريض على الحزب وحلفائه شعبياً بشكل غير مسبوق وخصوصاً من قوى"14 آذار" وبالتحديد تيار المستقبل وكيف وجهت للحزب اصابع الإتهام بأنه يجر لبنان الى دائرة النار الاقليمية وكيف أن الحزب هو السبب بأحداث عرسال الأخيرة وأنه هو السبب بعمليات الاغتيالات للعسكروسلسلة التفجيرات التي عصفت بلبنان بالفترة الاخيرة,,بسبب تدخل الحزب بمسار الحرب المفروضة على الدولة العربية السورية .
الجناح السياسي والامني بحزب الله بدوره يعرف مسار هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدفه داخلياً وإقليمياً ودولياً فالحزب يعي اليوم وأكثر من أي وقت مضى ان لبنان اصبح ساحة مفتوحة لكل الاحتمالات اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهايية – فالمناخ العام للقوى المعادية له داخلياً وإقليمياً ودولياً بدأ يشير بوضوح إلى أن حزب الله بات هدف لهذه القوى، وهنا حاول الحزب قدر الامكان تقديم مبررات ومعادلات الامن الذاتي والمبادئ الاخلاقية والحسابات المستقبلية لتوسع نفوذ وقواعد الجماعات الارهابية التي نشرت قواعدها بالقرب من الحدود اللبنانية – السورية كسبب منطقي لدخوله بقوة الى ساحة المعركة على الارض السورية، وفعلاً اتضح مع مرور الوقت أن الحزب كان محقاً بطرح مبرراته تلك وقد كانت كل المخاوف الموجودة عند الحزب وحلفائه محقة فالكثير من الجماعات التكفيرية اصبح لها قواعد داخل الجغرافيا اللبنانية بشكل واضح لا يقبل التشكيك، وهنا فقد قدم الحزب كل مبرارته لهذا التدخل ووصف ما جرى بأنه تم من أجل الدفاع عن الحدود اللبنانية وهو بذلك يدافع عن الأمن الوطني اللبناني وهذا ما حصل فعلاً بعد حسم معركة القلمون عندما توقف شريان ومحرك ارسال السيارات المتفجرة والانتحاريين من هذا الخزان والحاضنة الارهابية الى لبنان.
ولكن ومع كل هذه المبررات التي قدمها الحزب لسبب تدخله بسورية ,لم تقتنع القوى المعادية لنهج الحزب بمبررات تدخل حزب الله بسورية ,بل ذهب بعضها الى حد دعم الجماعات التكفيرية داخل لبنان ومحاولة شرعنة هذه الجماعات التكفيرية , ومن هنا نقرأ أن هذا الارهاب التكفيري الذي ضرب لبنان ومازال من شماله لجنوبه وشرقه لغربه ليس ارهاباً من أجل الارهاب فقط بل هو أرهاب من نوع آخر، فهو ارهاب من اجل الوصول الى مكاسب سياسية في لبنان؟؟, فالوضع بلبنان مختلف والمعادلة بسيطة تفجير أرهابي ببيروت يحمل عدة رسائل لكل الأطراف المتنازعة وقد يكون الانفجار مدبر لإيصال رسائل الجميع للجميع وهنا يمكن القول ان الارهاب بلبنان أصبح مشرعن من قبل البعض بل وأصبح ضرورة لإيصال رسائلهم لبعضهم البعض. وبقرأة موضوعية نقرأ هنا أن قضية العسكريين المحتجزين ,,أصبحت بمثابة رأس الحربة التي يتكئ عليها البعض بلبنان,,ولايخجل أبدآ من رفعها ببعض الظروف للمناورة بها للوصول من خلالها ألى بعض مكاسب سياسية داخل لبنان وخارجه ,,فجميع المتابعين لهذه القضية يعلمون أن مطالب الجماعات التكفيرية ,,يتم تجهيزها لهم من قبل بعض الاطراف داخل وخارج لبنان ,,ونفس هذه الاطراف التي تضع وتجهز هذه المطالب هي نفسها من تبدأ بعملية التفاوض عليها"فهي تمارس سياسة مزدوجة ",العملية معقدة هنا , وشائكة ألى حد بعيد ,,فعندما تكون هذه الجماعات التكفيرية و"بعض" المفاوضين من الدولة اللبنانية ,والوسيط بين هذين الطرفين بهذا التفاوض ,,هم جميعآ يدورون بفلك واحد ولديهم رؤية مشتركة ومرجعية واحدة ,,فهنا من الصعوبة فيما كان ان يتم الوصول بسهولة ألى حل يخدم قضية الافراج عن أسرى الجيش اللبناني .
فهناك اليوم بلبنان جماعات سياسية ودينية ,,تحاول وبقوة أن تمنح هذا الارهاب التكفيري ,,شرعية ,وهي بالفعل ألان بدات تعمل وبقوة على توفير هذا الغطاء الشرعي ,,من خلال دعم مساعي هذا الارهاب التكفيري ومن خلفه مشغليه ,بأن يصلو ألى بعض أهدافهم السياسية وألامنية داخل الدولة اللبنانية ,,فهذا الارهاب أصبح بلبنان هو أرهاب مشرعن ,,والدليل أن لهذا الارهاب حواضن مجتمعية بدات تتكون مؤخرآ بمناطق جغرافية متعددة" من بعض احياء العاصمة بيروت وبمناطق عرسال وطرابلس وصيدا ,وبعض المخيمات الفلسطينية المتواجدة بالداخل اللبناني ",,والواضح هنا أن هذه الحواضن المجتمعية لهذا الارهاب التكفيري ,,هي بألاساس حواضن تتبع نهج ديني"رديكالي " وسياسي"أقصائي " له مرجعيات تتصل مع جماعات سياسية ودينية تعمل وبقوة داخل هذه المجتمعات بالمناطق المذكورة أعلاه .
فمجموع هذه الحقائق من الصعب ان يفرز بالمدى المنظور ,,أي مسار امني وسياسي قد يخدم بالفترة المقبلة قضية الاسرى العسكريين ,,أو على ألاقل قد يخدم مشروع بعض قوى المقاومة الذي يهدف ألى تضييق الخناق على الجماعات الارهابية التكفيرية ,وهذا المسعى الذي تسعى له قوى المقاومة بالشراكة مع الجيش اللبناني يبدو انه قد جمد ألان ,,والسبب هو ان بعض الاطراف السياسية والدينية مازالت تتكئ وبقوة على ورقة الاسرى المحتجزين لدى الجماعات التكفيرية ,,وتحاول قدر ألامكان ,أن تزيد مساحة المناورة من خلال شرعنة الارهاب ومنحه للمزيد من اوراق القوة على امل ان يكون هذا الارهاب المشرعن هو الخيار ألاسهل لهذه التيارات السياسية والدينية بالداخل اللبناني لجلب حزب الله وحلفائه الى طاولة التسويات مستقبلآ. فبهذه المرحلة هناك رهان كبير على المجموعات التكفيرية داخل لبنان وفي محيطه من جهة الحدود السورية ,من قبل بعض الاطراف السياسية والدينية داخل لبنان وخارجه ,على أن هذه المجموعات التكفيرية قد تكون قادرة اذا توفرت لها شرعية بالداخل اللبناني ,على جعل حزب الله وحلفائه يقبلون "مستقبلآ" بمسار حلول قد يخلط المعادلة ألامنية والسياسية بالداخل اللبناني بشكل كبير ,,ومن هنا سننتظر الاسابيع القليلة المقبلة علينا لتعطينا أجابات منطقية وواضحة لكل هذه الرهانات ,وحجم ردود الفعل عند حزب الله وحلفائه بداخل لبنان وخارجه,التي تحاول بعض القوى بالداخل اللبناني مدعومة بقوى ومرجعيات خارجية الى تطويقه بهذه المرحلة ,,تمهيدآ كما تعتقد هذه القوى ألى جلب الحزب وحلفائه الى طاولة التسويات والتنازلات مستقبلآ.
*كاتب وناشط سياسي –الاردن
. hesham.awamleh@yahoo.com