ما الذي يجري في مجلس النواب..؟!
أحداث ذات نكهة سياسية يشهدها مجلس النواب خلال الايام الاخيرة، كان اولها نقاش استيراد الغاز من اسرائيل من خلال شركة امريكية، وكانت الحكومة ترى في عرض الامر على المجلس تقديرا له وثقة اضافية بنفسها وقدرتها على اقناع المجلس، لكن الامر تحول من ملف اقتصادي الى ملف سياسي ضاغط على الحكومة، ودخل الامر في سياق الوطنية او مساندة الاحتلال.
ثم ظهرت مذكرة حجب الثقة عن الحكومة والتي لم تتحرك سريعا، وفي موازاتها كانت مذكرة ثانية مضمونها التعاهد على عدم سحب التواقيع وهي خطوة استدراكية من النواب حتى لا تتكرر تجارب سابقة.
لكن الخطوة الاهم كانت اعلان الائتلاف النيابي مساء الاثنين والذي يضم (5) كتل و(82) نائبا أي اغلبية البرلمان، وكان تصريح رئيس مجلس النواب الذي قرأناه بأن الهدف الحكومة البرلمانية، وهو تصريح يمكن فهمه على انه استعداد لاعطاء فكرة الحكومة البرلمانية دعما أكبر من خلال وجود اغلبية برلمانية، وايضا يمكن فهمه على انه ائتلاف سيعمل على استبدال الحكومة الحالية بحكومة أقرب الى فكرة الحكومة البرلمانية.
المتابعون لما يجري يقولون ان تحليل ما يجري في المجلس يجب ان لا يكون أكبر من حجم الحدث، فالامر قد لا يكون مختلفا عن حراك سابق لم يصنع أي فعل غير عادي، واخرون يرون في الامر تحضيرا لتغييرات في وضع الحكومة داخل المجلس، ويستذكرون ما قاله جلالة الملك قبل شهور قليلة بأن الحكومة باقية ما بقيت تحظى بثقة النواب، أي ان التغيير الحكومي سيكون اوله من المجلس، وهذا تعبير عن احترام جلالة الملك للمجلس، ومحاولة لوضع اسس الحكومات البرلمانية ولو بالتدريج.
وهذا الجزء من المحللين يستذكرون المذكرة التي تم توقيعها في عهد حكومة د.معروف البخيت لحجب الثقة عن الحكومة ويومها تم ارسالها الى الديوان الملكي، وكان قرار جلالة الملك حينها بأن قبل استقالة الحكومة احتراما لارادة اغلبية المجلس وجاءت حكومة د. عون الخصاونه، ويوم لم تعقد جلسة ثقة لان المذكرة بتوقيع الاغلبية كانت رسالة نيابية واضحة.
ما بين حكاية استيراد الغاز ومذكرة حجب الثقة وظهور الائتلاف مشهد قد تكون نهايته عادية، وربما يرى البعض فيها حراكا نيابيا قد يأتي بحكومة جديدة، فاذا ما تبنى الائتلاف الناشئ مذكرة حجب الثقة مثلا فان هذا يعني رسالة سياسية لجلالة الملك بأن الحكومة فقدت ثقة اغلبية المجلس، لكن اذا ذهب الائتلاف الى اولوية تنظيم نفسه ولم يضع على اولويته تبني مذكرة الحجب فان الامر لا يحتاج من الحكومة الا الى ادارة ملف الغاز مع النواب كما تمت ادارة ملفات مشابهة.
المتابعون ما بين مَن يرى فيما يجري في المجلس أمراً لا يجوز المبالغة في تحليله وتوقع أبعاده، وبين مَن يرونه مقدمة لحراك سياسي ستدفع الحكومة ثمنه وربما يستفيد منه المجلس وبخاصة أن رئيس المجلس من قادة الائتلاف.
لننتظر ولنرى أي الامرين أكثر دقة