أنا أقرأ فأنا موجود
لم أر أحدا متعلقا بمكتبته مثل استاذنا المرحوم حسني فريز (أبو نوار)،لقد كان شديد التعلق بمكتبته الشخصية والحرص على موجوداتها من مراجع وكتب ومجلات نادرة وقيّمة، ومنعا لامتداد ايدي اصدقائه وأصحابه اليها بالنهب والسرقة كان يقول لهم: من أعار كتابا فهو حمار ومن رده فهو حماران!؟
ومع كل هذا الحرص والمخاوف الشديدة المعلنة وغير المعلنة من أبي نوار فقد كان يتفاجأ بغياب كثير منها وقال لي في زيارة له في منزله بجبل اللويبدة ان كتبه المفقودة زادت عن اربعماية كتاب ولم يقل انها كتب مسروقة مع علمه انها سُرقت فعلا وفي غفلة منه.
وروى لي مكتبيون معروفون ان جميع الوسائل الحديثة والمتقدمة المنتشرة في جميع المكتبات لدينا وفي العالم لم ولن تمنع سرقات الكتب الثمينة والنادرة منها، وهناك نسبة ما بين (4%) إلى (3%) لكل امين مكتبة لاعتبار هذه الكتب كتبا مفقودة وليست مسروقة حيث يجري القيام باتلافها وهي في الحقيقة لم تكن تالفة بل هي مسروقة، ومن اناس يعتبرون في نظر المجتمع محترمين وفوق ذلك مقتدرين ماليا وبعضهم اثرياء...
ويروي امين مكتبه جامعة القاهرة في حديث صحفي :ان المستشرق الالماني (باول كراوس) وكان من رواد هذه المكتبة كان يقوم بسرقة الكتب منها والذي كان يرى هذا المستشرق ان سرقة الكتب ليست حراماً!؟ وبعد انتحاره تم اكتشاف ان لديه الكثير من الكتب المسروقة التي استعارها من مكتبه الجامعة ومن مكتبات اخرى، لم يردها وقد تعمد ذلك، وبرر فعلته هذه بأنه لم يبعها وانما سرقها لقراءتها ولحاجته الماسة اليها وهي في الغالب من الكتب القيمة والنادرة.
وقيل ان امين مكتبة جامعة القاهرة هو الذي اكتشف ان المستشرق (كراوس) وراء اختفاء هذه الكتب النادرة في مكتبته، وكانت تحدث هذه السرقات بعد مجيء باول كراوس للمكتبة، وقد ذهب اليه في بيته واعترف له بسرقاته لهذه الكتب وقال له: فوق ذلك، انه لن يردها وتستطيع ان تبلغ أمري للشرطة ان شئت.
وقرأت مؤخرا ان احدى المحاكم الايطالية نظرت في قضية سرقة كتب قام بها مؤلف ايراني ويحمل الجنسية الاميركية هو (فرهاد خال زادة) وهو مؤلف غني جدا وكان يتباهى بان لديه كثيرا من الكتب النادرة المسروقة.
اما كيف تم اكتشاف سرقات المتهم زادة للكتب فقد كان في المتحف البريطاني كاميرات وقد ضبطته وهو ينزع اللوحات التاريخية البارزة، وقد اعترف امام القاضي انه سرق (180) مرة ونزع اكثر صفحات من اكثر من (800) كتاب، ولكثرة تعلقه بهذه اللوحات، ففي ليلة زواجه ترك عروسه وذهب الى مكتبته الخاصة ليرى اللوحات التي سرقها.
وفي الدفاع عنه قال المحامي: ان المتهم موكلي ليس لصا، فهذه الكتب استولت على تفكيره ولم تغب لحظة عن عينيه، انها موجودة في فراشه وفي دورة المياه وفي سيارته وكثيرا ما كان يوقفها ليرى او يقرأ هذه اللوحات والكتب وينقلها من مكان الى مكان اخر، انه مجنون كتب وكان يقول لي:انا اقرأ فانا موجود