"الضمان" وصفقة الغرف المغلقة
منذ مدة، لم تصدر أي تصريحات رسمية تتعلق بالقضية المرفوعة على صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي من قبل جهات قطرية، تزعم فيها أنها وقّعت صفقة مع إدارة "الصندوق" لشراء أسهم "الضمان" في بنك الإسكان.
آخر التصريحات الرسمية كانت إيجابية، وتضمنت وعودا بأخبار طيبة بشأن القضية. وقد أعلن ذلك في حينه رئيس "الصندوق" د. سليمان الحافظ، إذ قال إن نهاية العام 2014 ستشهد نقلة في القضية المنظورة أمام القضاء السويسري منذ أكثر من عام.
بعدها، لم نسمع شيئاً من المسؤولين، ولم تتسرب أي معلومات رسمية؛ فالأبواب مغلقة في وجه مساعي الحصول على أي معلومة، بدعوى الحفاظ على سرية التحقيق والتقاضي/ التحكيم. ومن ثم، تكون المعلومات التي تتوفر صادرة دائما عن خصم مؤسسة "الضمان"، في محاولات مستمرة لنشر القناعة بضعف موقف المؤسسة في القضية؛ إذ في كل مرة، يثبت عدم دقة هكذا تسريبات.
آخر التطورات المرتبطة بالملف تتمثل في تمكن السلطات المحلية، قبل فترة، من القبض على عصابة محلية تمارس التزوير، وهي القضية التي باتت منظورة اليوم أمام القضاء الأردني. القضية مرتبطة بعملية الاحتيال التي يواجهها "الضمان"، وكونها منظورة محليا فان ذلك لا يمنع من إمكانية استخدامها بينة ضد "المزورين" الذين يسعون إلى السطو على أموال الضمان الاجتماعي.
طبعاً، قد يبدو الصمت الرسمي بشأن قضية أسهم "الضمان" في بنك الإسكان مستفزاً، لكنه مفهوم؛ عدا عن أنه لا يعني غياب العمل المستمر على القضية، ومتابعتها بشكل حثيث من مختلف المؤسسات والدوائر الرسمية.
آخر التسريبات، وكالعادة من خصم "الضمان"، تشير إلى أن المحكَّم الإنجليزي اتخذ قرارا إجرائيا جديدا لم تعرف تفاصيله. لكن كما تؤكد هذه التسريبات، فإنه اتخذ قرارا بعدم اعتماد تقارير الخبرة المتعلقة بمطابقة التوقيع على أوراق الصفقة المزعومة. إذ تم تقديم 12 تقرير خبرة من قبل الجهة المدعية، أكدت صحة التوقيع، لكن المحكّم الدولي أجرى 3 تقارير خبرة كشفت جميعها أن المدير السابق لصندوق "الضمان" د. ياسر العدوان لم يوقع الاتفاقية، وأن التوقيع على الأوراق مزور. وهي تضاف إلى تقريري خبرة طلبهما "الضمان"، وانتهيا إلى ذات النتيجة بكون التوقيع مزورا.
وفي تطور غير متوقع، يقول مطلعون إن المحكَّم طلب إجراء فنيا جديدا وغير تقليدي، يتعلق ببينة جديدة لاستكمال التحقيق في الملف، وتتمثل في فيديو كنت استلمت أنا شخصياً نسخة منه على بريدي الإلكتروني، ويدرك من يشاهده، ومن الوهلة الأولى، أن فيه خللا فنيا وعطبا ما. ومنطقيا، يحتاج التأكد من فبركة هذا الفيديو إلى خبراء ومختصين. لكن قياسا على ما سبق، سيتم اكتشاف أن الفيديو مفبرك تماما، مثل باقي الوثائق التي قدمها الخصم على مدى الأشهر الماضية.
مع ذلك يؤكد قانونيون أن التطور الجديد على القضية يعود بها خطوات إلى الخلف، بما يطيل أمد التحقيق لأشهر جديدة، ويؤخر الحسم وطي الملف لصالح الأردن. كما أن الأمر يتطلب مواصلة الجهد المحلي لإثبات وجهة النظر الأردنية بأن تزويرا قد حصل، على مستوى عال من الدقة والحرفية.
الجهد المبذول مقدر، والزمن هو الكفيل بإعلان تفاصيل القصة الكاملة التي يبدو أن فيها تشويقا يتجاوز ذلك الموجود في الأفلام السينمائية، بأفعال تتجاوز الخيال. وسيكون من واجب كل من تابع الملف أن يعلن للأردنيين تفاصيله كافة، بكل شفافية، وشرح كيف ومتى حيكت هذه القصة في الغرف المغلقة، ومن هم أطرافها لتتم إدانتهم شعبيا قبل الإدانة القانونية.
مرة أخرى، أستذكر مقولة د. العدوان في بدايات تفجر القضية، حين قال: "من يبيع أسهم بنك الإسكان يبيع الأردن"؛ وهو كلام لا يقوى عليه إلا رجل وطني وصادق، كما هو فعلاً د. العدوان الوطني الأصيل.