افتراضات وتوظيفات في ملف الطيار
بعد اعدام الصحافي الياباني، انهمكت الفضائيات العربية والاجنبية، في قراءة فعلة داعش، واللافت للانتباه استنتاجات عدة في هذا الصدد.
عبر فضائية البي بي سي، تقول محاورتي ان الاردن يخضع للارهابيين، ومستعد لاجراء صفقة، من اجل الطيار، فتجيبها ان الولايات المتحدة ذاتها فاوضت طالبان، من اجل اسرى امريكيين، فلم يقل لها احد انها تفاوض ارهابيين، كما ان الاردن سبق ان فاوض على سفيره في ليبيا، وليس مهما، هوية الذي تتم مفاوضته، بل هوية المعتقل اولا.
في زاوية اخرى عبر ذات المقابلة، يقال لك ان الاردن لم يشعر بغضب الا لكون الطيار ابن عشيرة، ولان العشيرة سند النظام، والكلام غريب حقا، لان اليابان ذاتها كانت مستعدة للتفاوض، من اجل مواطنيها الاثنين، ولا احسب ان اليابانيين ينتمون ايضا الى عشيرة ايضا!.
الاعلام العربي والاجنبي زاد من حدة التأويلات والاشاعات، فوق ما تفعله وسائل التواصل الاجتماعي من افعال، والحقيقة ان هذه القضية اثبتت ان التلاعب بالرأي العام امر ممكن وسهل، فوق تأثر الجمهور بأي رواية اخرى، غير الرسمية، لان الشعار يقول لا تصدق الرسميين، وهذا شعار مؤسف، لان طبيعة القضية اساسا، لا تحتمل الا الصدق والمكاشفة، وهو على الارجح مانراه في كل تداعيات هذه القصة داخليا.
كل هذا يفرض على الجميع، اعادة قراءة الدروس المستفادة من هكذا ملف حساس، لان القياس مع حالات اخرى لا سمح الله، او ظروف اخرى يقول ان ادامة تماسك الجمهور امر سيكون صعبا، خصوصا، ان الجمهور يميل ايضا الى الروايات الاسوأ او الاكثر اثارة، وهذا يعني مع تجارب سابقة، ان هناك مخاطر عدة بشأن الروح المعنوية للجمهور، والقدرة على التأثير عليها، او التلاعب بها، او بث الاشاعات، وتصديقها ايضا، ونحن اليوم في حالة سلم، فما بالنا بالظروف المضطربة او الصعبة؟!.
الجانب الاخر في كل ملف الطيار، يشير الى محاولات غير لائقة لتوظيف ملف الطيار لحسابات داخلية محلية، وحسابات اقليمية ودولية، فالكل يريد توظيف ملف الطيار، اما لرفع شعبيته، او للمزاودة او لاحراج المؤسسة الرسمية، او لتفجير قضية داخل البلد، من زوايا مختلفة، وعلى الصعيد الاقليمي فإن الشماتة من جانب عواصم وقوى عديدة تتبدى في ملف الطيار، اذ يريدون ان تتم خلخلة الداخل الاردني شعبيا، وعلى مستوى المؤسسات تحت وطأة الرسائل والمشاعر التي يتم تصنيعها عبر الاعلام تارة، وربما عبر وسائل اتصال بذات التنظيم، يتم تسخيرها لتصدير الازمات الى الاردن.
هذا يعني ان الاردنيين الذين يتوقون لعودة ابنهم من محنته، يجدون امامهم ثلة داخلية تتاجر بالقضية، ونفرا في الاقليم، يريد تمريغ وجه الدولة والبلد في الطين، على اساس ضعف الدولة، وعدم قدرتها على استعادة طيار من اسره، وفقا لافتراضهم.
ما يمكن قوله بصراحة ان هناك زوايا متعددة لملف الطيار، وهي ازمة تكشف ان القصة لدى كثيرين في السياسة والاعلام، ليست قصة مشاعر وحسب، بل انها مناسبة للتوظيف ولبث السموم ايضا.