هل سيتدخل الأردن براً في سورية
إحدى النظريات البائسة التي تم تسويقها في أزمة الطيار، مايقوله البعض إن الحادثة قد تكون متعمدة، من اجل اجبار الأردن واستدراجه للتدخل البري في سورية، عسكريا، خلال الفترة المقبلة.
الكلام مسيء لانه يفترض هنا ان المؤسسة الرسمية تضحي بمواطن اردني، فوق وظيفته العسكرية، من اجل مخططات كبرى، والكلام ايضا، ينزع الى التحريض على اخلاقية المؤسسات، وهو ايضا من ناحية عقلية، غير منطقي، وهش للغاية من حيث بنيته الداخلية.
الاردن إذا قرر التدخل العسكري البري في سورية، ليس بحاجة اساسا الى التضحية بأي مواطن، وربما بأمكانه افتعال حوادث كثيرة، لايكون ضحيتها اي شخص اردني، من اجل التوطئة لهذا التدخل العسكري.
هذا يعني ان الفرضية غير قائمة، بالاضافة الى ان الاردن لم يحتمل ايذاء عسكري واحد، فكيف سيرسل جنده بالالاف الى ساحة دموية، وتعريضهم الى قضايا كثيرة، ومن زاوية المقارنة هذه نعرف ان هذه النظرية غير قائمة؟!.
غير اننا في المطلق، لاننفي امكانية التدخل العسكري البري في سورية، ذات توقيت معين، اذا استجدت ظروف صعبة اخرى، فالاردن الذي قد يرى سورية معرضة للتقسيم، وتصير في خاصرته الجنوبية دويلة متشددة، لايمكن ان يحتمل هذا الخطر، وهو خطر يمتد ايضا الى غرب العراق، وهنا فأن حسابات الاردن المحلية، وتلك الحسابات الاقليمية والدولية، ستجعل التدخل البري العسكري لحظتها مخرجا وحيدا لكل المنطقة، ولايكون الاردن هنا، رمح التدخل، بقدر حمايته لنفسه، وربما ضمانته لان تكون جنوب سورية، سنية آمنة، منزوعة التطرف، سواء انضمت للاردن، او بقيت وحيدة في حال شطر سورية الى دويلات لاسمح الله.
في هذا السيناريو فقط، الذي لايقوم على فكرة المؤامرة، كما في قصة تعمد اسقاط الطيار من احدى طائرات التحالف، سيكون التدخل مطلبا شعبيا، وتكييفاته ليست صعبة، اذ ان كتائب الاف السوريين المدربين عسكريا، سيتولون لحظتها مهمة الدخول الى جنوب بلادهم وتطهيرها، باعتبار ذلك شأنهم من جهة، وباعتبار ان كلفة الدم في الاصل عليهم وليس على غيرهم، ولايضير لحظتها ان تكون هذه الخطوة، بمظلة أردنية وعربية ودولية، شريطة ألاّ يدفع الاردن اي كلفة دم هنا، لكنه قد يكون من ناحية سياسية ولوجستية مديرا للخطوة حفظا لامنه، واستعدادا لترسيمات المنطقة الجديدة.
الاردن لايغامر بهذه البساطة، وهو يحسب جيدا، غير ان علينا ان نفرق بين السيناريو التآمري، والسيناريو الاضطراري، وفي الحالة الثانية فأن حماية الأردن لنفسه، من امارة جنوبية متشددة، امر مباح، خصوصا، ان تكييفات هذه الخطوة متعددة، واقلها تطهير جنوب سورية، بعناصر سورية مدربة ومنظمة ومنتسبة تنظيميا الى خطة واطار ومرجعية ونتيجة ايضا.