الكساسبة و أبو محمد على الـ «بي بي سي»
كل ما يفعله أهل الطيار البطل معاذ الكساسبة مباح، وهو فعل مصدره إنساني، ولا مجال للتقول أو فتح النقاش حوله، أمَّا ما هو غير مباح أن يهدد البعض الدولة بالطيار ومصيره، وبجدوى الذهاب للحرب على الإرهاب، وبسياسة الدولة، والبعض يذهب أبعد من ذلك ببناء الشعبية والالتصاق بالقضية أكثر من الملك أو الدولة.
لم يجلس أحد بين الملك ووالدة الطيار وعمه، وكل ما سمعناه هو ما جاء من والده الذي أكد كلام الملك والحرص على سلامة الطيار. ويقول الراغبون بإثارة الفتنة إن أهل الطيار تُركوا وحدهم. ويقول خبراء الأزمات والتفاوض إن رئيس الحكومة احياناً بل غالباً لا تكون متاحة له معلومات خارج خلية الأزمة التي تتولاها.
أمس سمعنا في إذاعة «بي بي سي» كلاماً عاقلاً ومسؤولاً من عمِّ الطيار البطل معاذ الكساسبة، الدكتور اللواء المتقاعد فهد الكساسبة، قال: «حين نكون في العسكرية لا نناقش المهمات، نحن أمام الواجب، وتحت أي أمر» ونقول إن الجندية والروح القتالية هي التي تسود في الجيش وفي كافة المؤسسات الأمنية، لكن البعض يذهب ليحل وصياً بنفسه على الطيار وأهله ومصيره وعلى الدولة، فـ»أبو محمد» كان المتصل الرابع من الأردن بعد حديث عمِّ الطيار د. فهد الكساسبة وكان يهدد الدولة وقال :»إن الحكومة ستسقط إذا حصل شيء لـ»معاذ» وأن الربيع العربي سيحدث في الأردن»، صحيح أن هذا كلام غير مسؤول ولا يؤخذ به، لكنه يشكل صوتا في مناخ من الخوف يثير الأسئلة فيه نخب وسياسيون وبعض أعضاء الأحزاب، وهم جميعا لا يسهمون بالتهدئة بل في التجييش و إفشال أي جهد لإنقاذ الطيار إن كان حياً.
لقد رضي «معاذ» بمصيرة وكان شجاعاً منذ اختار المهمة ونفذ أداء الواجب، وكان بطلاً في الرد على سؤال المصير في المقابلة التي بثتها مجلة «دابق»، نجد أن «معاذ» كان أشجعنا جميعاً، أما والده فسلم أمره لله، وكان مؤمناً بالمصير والقدر، و»معاذ» لن يكون إلا لوحة شجاعة وسطراً جديداً في معلقة البطولة إن عاد حياً، وفي مدارج الشهادة إن توفي.
أما أهل «معاذ» ودائرته الأوسع، في لواء عي، فقد اعتادوا أن يكونوا رجالاً في الوغى، والشهداء عند الحسم ومنهم على أرض فلسطين والكرامة: ضامن هويشل الحروب الشهيد وعبد الكريم سليم الحروب وحماد عبد المهدي الرواشدة واعطيوي منصور الرواشدة ومتعب الضلاعين وكامل حمد الشواورة وتوفيق حسن الرواشدة ونواف حسن الرواشدة ومحمد عبد العزيز الرواشدة ومسلم قاسم المطارنة وفلاح حمود الرواشدة وغانم يوسف الكساسبة وحامد محمود الرواشدة وراتب الياس الضلاعين ومحمد بركات الرواشدة ومفلح عطية الرواشدة وعلي حسن مقبل الرواشدة وعطاالله عبد الله المطارنة وعبد السلام سالم القرالة وعبدالله قاسم المطارنة ومحمد كريم الكساسبة واحمد كريم الكساسبة ويزن ياسين عبد القادر الرواشدة وزيد عقلة الكساسبة وسليمان حسين الكساسبة ويحي محمد إسماعيل الكساسبة، فهذه هي سيرتهم وهذه صفحة الولاء الذي يريد البعض اختاطفه اليوم لمآربه وشعبياته.
وقد توالى عطاء أبناء اللواء في الجندية وفي المواقع العامة وما كانوا إلا رجالاً، وإذا كان احداً يعول على غضبهم وخاطرهم، نقول: لا، فقد أقام معاذ واجب الطاعة ويكفي سؤالاً عن شرعية الواجب الذي هو قرار دوله، ليس لأحد منا قدرة على نقاشه، ولندعو الله أن يكون طيارنا بطلاً في مصيره، شجاعاً ثبتاً، نفخر به إن لقي الموت بقلب ثابت وبأس شديد، ونفرح له إن عاد بطلاً سالماً لأمه وذويه الذين لهم أن ينتظروه على صورة البطولة فقط، وليس على أي صورة أخرى أو هواجس تثار أو أسئلة يلقيها البعض لأسباب ومآرب شتى.