اثبت في مستنقع الموت رجله
التاريخ لن ينسى لك وقفتك، واقد أثبت أنك لن تجثو أمام نار اشعلتها يد الحقد والكراهية، والتاريخ الذي لا ينسى شهيدَي الكرك في الأزمنة الحديثة «سيد» و «علي» نجلي ابراهيم باشا الضمور، عانقك أول أمس بعطر النار والشهادة التي احتفت بك، ويليق بك الاحتفاء، وهناك ستجد من يستقبلك، ويربت على كتفك الذي ما هوى ولا انحنى، ستجد وصفي مبتمساً وهو يلقاك ويدرك أن رهانه على الأردني جندياً ومعلماً وقائداً لم يخب.
هناك يا معاذ، ستلقى صحائف المجد والبطولة، وقد ارتسمت في وجهك ووجه من قدموا قبلك أروع الصور، فقد كنت نسراً عربياً مؤمناً بالله وبوطنك، كنت الشجاع، ومن أشعلوا لك النار كانوا هم الجبناء، وكان الخوف في أعينهم بادٍ، كنت وحيداً تتقدم برباطة جأش، وكانوا كلصوص الليل وخفافيش الظلام يراقبون مسيرك واقبالك، والحمد لله أنك لم تجثو إلا حين انتهت الحياة، ومت واقفاً.
الحمد لله أنك ما خيبت ظننا، وقلت منذ اليوم الأول لك معهم بأن مصيرك معروف لديك، فيما هم راحوا يناورون على الثمن البخس، والحمد لله أن قناتك لم تلين، وظللت مرفوع الرأس، فإن استشهدت، وغبت فإن الصورة لم ولن تغيب، وسستبقى خالدة وقد صدق بك قول الشاعر:
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما دجى
لها الليلُ إلاَّ وهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خضْر
وقد ردك الخلق الأردني لتظل مرفوع الهامة، باقياً في الذاكرة، كطائر العنقاء وستبعث مع الشهداء والأبرار، أما هم فقد عبثوا بالارض واعاثوا فساداً فسيحاسبهم الله أولا، وسيكون الرد الأردني بحجم ما أرادوا لنا جميعاً وللإسلام وللإنسانية من سوء.
أما أميرهم مدعي الدين والإسلام، وأما جلادوهم ومنفذو الذبح، فيكفيهم أنهم لا يكشفون عن وجهوهم من خزي ما يفعلون، وهم أبعد الناس عن الإسلام وأي دين، وأي خلق، وسيثبت رفاقك يا شهيدنا أن الدم الأردني ثمين وغالٍ وليس له ثمن يعدله، وسيكون ردنا أولاً بأن نستقبل الشهيد بأرواحنا وأن نعلمك درساً لأولادنا وأن نمضي في مواجهة كل التكفيرين والارهابيين، وأن نقف مع القيادة والدولة والجيش في خندق المواجهة.
نعم، كنت يا معاذ فارس النار الذي ما ترجل، وكنت شهيد الواجب وشهيد كل بيت اردني وعربي ومسلم، كنت الصقر الذي سيفرد جناحيه في السماوات مغرداً شامخاً أبياً تنشد العلى، وكان لك ما أردت وما توقعت، وكان لك أن تظل سامقاً أبياً مقبلاً لا مدبراً، فألف سلام ورحمة عليك، وعلى كل شهيد وبطل وعلى كل جندي ونشمي، ولكل عربي يقاتل المتطرفين في صفوف التحالف الدولي، ولكل من خدم معك في سلاح الجو من نسورنا الأبطال، وسلام على ذويك ووالديك وزوجك التي يحق لها الافتخار بك وبشجاعتك.