الأردن يخطط لعمليات «كوماندوز» لضرب «الدولة الإسلامية»
بدا واضحا أن الغارات التي نفذتها طائرات سلاح الجو الملكي الأردني ضد مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في الرقة السورية والأنبار العراقية، أمس الخميس، ذات طابع رمزي وتأكيدي على أن ما حصل مع الطيار معاذ الكساسبة لن «يردع» الأردن ولن يخيف الطيارين والجنود الأردنيين.
العديد من الطلعات الجوية قررت على هذا الأساس في مجلس الأمن القومي الأردني بميزة غير مسبوقة هذه المرة، تتمثل في الأداء الفردي وعدم الانطلاق من قواعد اشتباك مقررة في غرف عمليات التحالف الدولي.
مسؤولون يؤكدون أن هذه الطلعات الجوية برزت في الإطار المعنوي لتأكيد تثبيت الثأر والانتقام من تنظيم «الدولة الإسلامية» وتهيئة الرأي العام المحلي للرد وإظهار عدم المبالاة إزاء سياسة التخويف الداعشية، على أساس ان مقاتلي سلاح الجو من زملاء الشهيد الكساسبة لديهم قابلية مباشرة للانتقام.
اللافت في السياق كما فهمت «القدس العربي» أن عملية التنسيق والإبلاغ المسبق بكل الأحوال لا يعترض عليها التحالف، لكنها تتم وسط حالة «عدم اعتراض» سياسية واضحة الملامح من جانب النظام السوري ووسط «ترحيب» حكومة بغداد برئاسة حيدر العبادي.
أهمية الطلعات الجوية لا تقف عند هذه الحدود بل تؤكد التحليل الأردني والإماراتي القائل بأن طائرة معاذ الكساسبة سقطت أصلا بسبب خلل في البروتوكول المنظم في غرفة عمليات التحالف، وليس بسبب ضعف في أداء الطيران بدليل ان طياري سلاح الجو الملكي الأردني أغاروا وبحماس ووسط تأييد شعبي عارم ومرات عدة منذ الثلاثاء وحتى الخميس على مواقع «داعش» في العراق وسوريا.
الحكومة الأردنية كانت قد وعدت بـ»ردّ مزلزل» على البشاعة التي أعدم فيها طيارها الكساسبة والملك عبدالله الثاني شخصيا أعاد التأكيد لعائلة الكساسبة عندما زارها معزيا برفقة كبار المسؤولين، ظهر الخميس، أن دم الطيار لن يذهب هدرا وأن الأردن سيرد بحزم وصرامة وسيواصل الرد عسكريا وأمنيا.
الإمارات كانت في وقت سابق قد «علقت» مشاركتها في غارات التحالف الجوية بسبب الاعتراض، حسب مصدر دبلوماسي عربي مطلع تحدث لـ»القدس العربي»، على الإحداثيات المضللة لغرفة العمليات التي يقودها الأمريكيون، وبسبب ضعف جاهزية الطائرات العربية قياسا بالطائرات الأمريكية، وعدم وجود خطط إنقاذ جوية للطيارين العرب لمواجهة الطوارئ.
الاعتراضات الإماراتية تبنتها عمان أيضا خلف الكواليس ودفعت مسؤولين بارزين في اجتماعات مغلقة قبل إعدام الطيار الكساسبة للتحدث عن «شجاعة» الطيار العربي والأردني واضطراره للطيران بعلو منخفض بسبب غياب التجهيزات.
الانطباع المتشكل بعد اليوم الرابع لإعدام الطيار الكساسبة يشير إلى أن القرار السياسي اتخذ بسلسلة ردود عسكرية الطابع لن تقف عند حدود الغارات الجوية التي تهدف لتثبيت رسالة عدم الخوف من تلويحات وتهديدات تنظيم «الدولة الإسلامية».
الضجيج شعبيا لا يزال يتواصل تحت عنوان المطالبة بالانتقام العسكري وشعار «هي حربنا»، والضغط الشعبي شديد على القرار السياسي والدولة الأردنية تبدو مهيأة لكل الخيارات والسيناريوهات، بالرغم من البيان الأخير للتنظيم والذي هدد بنقل المعركة إلى وسط العاصمة عمان، بعد إعدام السجينة العراقية ساجدة الريشاوي.
السيناريو الأقرب للمنطق حسب مصدر مطلع هو حتى اللحظة تجنب العمل العسكري البري المباشر والتركيز على طلعات جوية هادفة وشديدة مع مراقبة أمنية طارئة وعمليات خاصة إذا ما لزم الأمر لاحقا.
هذا السيناريو يتحدث عن عمليات كوماندوز خاصة قد تشن بالتعاون مع دول حليفة وصديقة هدفها إيذاء تنظيم «الدولة الإسلامية» وإضعافه، ورغم أن الأردن مستاء من التحالف وسبق ان لوح بالعمل منفردا بعيدا عنه إلا أن الإدارة الأمريكية تبدو قد منحت عمان «التفويض» اللازم للتنويع في خيارات العمليات ضد «داعش» مع الدعم اللوجستي المحتمل على شكل أسلحة خاصة يفترض ان تصل لاحقا، وفقا لما أعلنته لجان في الكونغرس.
عمليا تريد غرفة العمليات الأردنية حتى اللحظة ان تجري جميع العمليات، سواء الأمنية او العسكرية، بعيدا عن الإعلام وبصمت وتكتم حرصا على عزل العمل المهني الأمني والعسكري عن ضغوط العواطف الشعبية او فضول وسائل الإعلام.