هل تسمحون لي
هم بذرة شيطانية نبتت، هم أبالسة الأرض، هم خارج سياق التاريخ والجغرافيا، هم حاضر كله دم وقتل وتقطيع وحرق، من أين اتوا؟، كيف أستوطنوا بعضا من شواطئ عراقنا وشامنا، من سمح لهم، من مولهم؟!، ومن ثم من زرع في رؤوسهم كل هذه الأفكار المنحرفة، ومن قال لهم إنهم يملكون وحدهم الحقيقة، ومن منحهم سلطة التنفيذ والقتل، ممن يأخذون كلامهم، من هم أتباعهم، من هم رؤوس فتنتهم، ومن أي شيوخ منحرفين ينهلون تحريفا وتأويلا؟!.
نعم، هم فاشيون جدد بالقرب منا، هم قتلة وسفاكو دماء، هم خارج سياق الحضارة والمدنية، وفي النهاية نعم علينا ان نتوقف لنتفكر ماذا علينا ان نفعل، وهل علينا ان نسمح لحاملي مثل تلك الأفكار المنحرفة البقاء يصولون ويجولون بين ظهرانينا، وكيف السبيل لقطع فكرهم المنحرف من قاموسنا؟!
رحم الله معاذ، الشهيد الحي البطل، ومن أجل الأردن ومعاذ وكل أقرانه، ومن أجل أبنائنا وبناتنا وأهلنا، من أجلهم علينا قطع دابر حاملي مثل تلك الأفكار من بيننا، وأن نذهب أفقيا بلا مواربة باتجاه الإصلاح والدولة المدنية العصرية الحضارية.
فدعونا نذهب بأردننا نحو الأفق، ننفض عنا ما علق في العقول من أفكار متعفنة رجعية زرعها أولئك الذين لا يريدون لنا أن نتطور، ونتعاهد بأن يكون الإصلاح عنوان حياتنا ومستقبلنا، وأن نؤطر لفكرة الدولة المدنية العصرية، دولة المؤسسات والقانون التي نريد، ونترك خلفنا أولئك الراقدين في الجحور، الذين أشبعونا تحريما وتكفيرا وتخوينا، ونشطبهم من بنات أفكارنا.
دعونا نقول بصوت واحد إننا نريد أن نربي أطفالنا كما نريد ونقول لهم إننا نرفض أن تملوا علينا أهواءكم وآراءكم، وإننا نريد أن نعلم أطفالنا أن الدين لله أولا، وليس لمشايخكم وفقهائكم الشاذين عن الإنسانية، دعونا نقول لأطفالنا أن الدين هو أخلاق وأدب وتهذيب وأمانة وصدق، قبل أن نقول لهم بأي قدم يدخلون الحمام وبأي يد يأكلون؟، ونقول لهم إن الله محبة، وإن الاقتداء بالرسول الكريم يبدأ بنزاهته وأمانته وصدقه، قبل اللحية وقصر الثوب؟.
دعونا نقول لهم إن الله لم يوكّل أحدا في الأرض بعد الرسول للتحدث باسمه، ولم يخوّل أحدا بمنح "صكوك الغفران" للناس؟، ونقول لهم إن الله أكبر وأعدل وأرحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟، وإن مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين، وإن حساباته أحنّ وأرحم؟.
دعونا كما نحن اليوم واضحي الرؤية والهدف ان نذهب لنبش كل كتب التاريخ واللغة العربية لإصلاحها وشطب ما علق فيها من أفكار هدفها مواصلة التجهيل، والعبث في العقول، وأن نؤسس في كتبنا ومناهج التربية عندنا أفكارا إصلاحية حضارية متطورة نبني من خلالها دولة مدنية حديثة، ونكنس أية افكار لأولئك شاذي الآفاق والرؤية.
أدعوكم لمراجعة كتبنا الدراسية درسا درسا، ومناهجنا منهاجا منهاجا، وأن نقتل الخوف من قلوبنا ونحن نطرد كل الأفكار التي تؤسس لكل فكر داعشي بين الصفحات.
دعونا نعرف أن هناك من زرع تلك الأفكار وطورها، وجاهر بها ورعاها حتى باتت اليوم كلها دم وقتل وحرق وقطع رؤوس، وسبي وتوزيع غنائم.
هل تسمحون لي يا سادتي ونحن في حضرة الشهادة، أن نعترف معا أننا بحاجة لمراجعة كل الكتب الرابضة على رفوف مكتباتنا والتي شوهت الدين، وزرعت في نفوس البعض كرها للآخر، ورفضا له ودعوات للقتل.
دعونا نقول للعالم أجمع إن الدين ليس سفكا للدماء، وإن أولئك الذين سكنوا لبرهة في جزء من شامنا وعراقنا ما هم الا مزورون للدين، يمتلكون افكارا شاذة، فدعونا نعرّيهم ونعري أفكارهم وطموحاتهم.