إعلام رخيص يشّوه صورة الأردنيين
لفت انتباهي قبل مدة خبرا نشرته إحدى الفضائيات مفاده أن دراسة خلصت إلى أن الأردنيين من أكثر الشعوب كسلا ! فأصابني الغثيان من هذا الكلام, ولا أدري حقيقة من أين أتت هذه الدراسة ومن قام بها وما مدى مصداقيتها ؟ وبدراسة تقول بتراجع التعليم وترديه, وأخرى تتحدث عن ارتفاع نسب الغش في الاختبارات وفساد الثانوية العامة في الأردن وغيرها كثير ,وبغض النظر عن صدق وكذب هذه المزاعم فليس من الحكمة والعقل نشر هذا الكلام الذي يؤثر على الصورة الطيبة لأبناء الوطن في الداخل والخارج .
إن التركيز على إظهار السلبيات في المجتمع وتجاهل الإيجابيات فيه ظلم كبير وجحود بحق الوطن والمواطن وكان الأولى والأجدر أن تعالج أوجه القصور-إن وجدت -بطريقة التناصح بعيدا عن التشهير ونشر العيوب, ولقد كان لبعض الصحف والمواقع الالكترونية الدور السلبي الواضح في ذلك, فهي غير موفقة في طرحها لبعض الأخبار والإحصاءات .
من المعلوم أن الطبيب غايته معالجة المريض وليس التشفي بمرضه أو إيلامه, والمعلم غايته تأديب الطالب وتعليمه وليس تجريحه وقهره, والأصل أن تكون مهمة وغاية الصحافة الوطنية تقديم النصيحة ومكافحة الجريمة.
فليس من المعقول وليس من الحكمة أن يباع شرف الوطن والمواطن بثمن بخس أو بسبق صحفي كاذب ! ولا أدري لصالح من تشوّه صورة الأردنيين الذين يملؤون الأرض همة وعزيمة فهم شعب مناضل, ومرابط ومهاجر تجده مزارعا ومعلما وطبيبا ومهندسا وفنيا يفخر به الوطن في الداخل والخارج ويعطي صورة مشرقة لبلده في أي موقع كان, وتجد الإشادة بإنتاجه في أي مكان يحط به رحاله, وتضرب أروع الأمثلة بانجازاته .
لذلك فان الدراسات والإحصاءات التي يزعم مروجوها أنها حقائق لا تقل خطورة عن المخدرات والممنوعات التي تفتك بأبناء الشعب ولكي تكون هذه الإحصائيات محترمة يجب أن تخضع للأساليب العلمية وطرق البحث الصحيحة وإلا كانت بعيدة عن الموضوعية والحياد الذي يميز البحث العلمي.
والإعلام الوطني يجب أن يكون مسؤولا وشريكا في التنمية والتطوير, وأن لا يعتمد على الإثارة وتشويه الحقائق لتسويق نفسه,وأن لا يكون بعيدا عن المهنية في التعاطي مع الأخبار لأن ذلك مفاده إلحاق الضرر بأبناء المجتمع بقصد أو بغير قصد .
لذلك فإننا نسجل عتبنا الشديد على هذه المواقع وندعوها إلى حماية الوطن من كل عابث والامتناع عن نقل الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة التي تصور الوطن والمواطن بغير الصور الحقيقية ونعيب على من يأكل بسمعة وطنه لقمة مغمسة بالذل متناسيا عرق الاردنيين وجهدهم في سبيل رفعة وطنهم .
أخيرا فإن حب الوطن يكون بتقديم النصح له وليس بتشويه الحقائق ومن يزعم بأن تطبيله وردحه يفيد الوطن فهو واهم.