من المتوقع ان يجتمع اليوم مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين لمناقشة مبادرة “خارطة الطريق” التي سيقدمها المرقب العام لانقاذ الجماعة من ازمتها الراهنة.
لا اشك ان هذه الجلسة ستكون “نقطة” تحول في تاريخ الجماعة، وان القرارات التي ستتخذ فيها ستحدد مصيرها، فاما ان تخرج القيادة الحالية عن “عنادها” وتستجيب للنصائح التي قدمها الغيورون على الجماعة من داخلها ومن خارجها، واما ان تستهين بخطورة المرحلة، وتظل واقفة “فوق الشجرة” فيأخذها عنادها الى المجهول، هذا الذي حذرها من الوصول اليه اقرب الناس اليها واشدهم حرصا عليها.
لا اتحدث هنا عن “شرعية” الجماعة، فهي قضية محسومة لكل الذين اختاروا ان يظلوا داخل اطار التنظيم، حتى وان كان لدى بعضهم تحفظات على اداء القيادات الحالية، ولكنني اشعر بالصدمة من اصرار فضيلة المراقب العام على الدفاع عن شرعيته هو، والتمسك بموقعه هو، حتى وان كان الثمن هو “رأس” الجماعة.
يا فضيلة المراقب العام : لا نشك في نواياك ولا في حرصك على مصلحة الجماعة، ولا نقلل من انجازاتك وانجازات اخوانك على مدى السنوات السبع التي توليتم فيها ادارة الحركة، ولكن نصارحك ان المطلوب هو رأس الجماعة لا رأسك، وكما علمتنا التجارب فان الحركات والدعوات اهم من الاشخاص، والرجال مواقف ومن بطأت به تضحياته لم تسرع به انجازاته، وفهمك لما يمليه عليك واجبك في هذه المحنة التي تمر بها الجماعة كفاية.
على امتداد الاسابيع المنصرفة، انتقدنا محاولات “التصويب” التي استهدفت الجماعة، وحاججنا اصدقاءنا الاعزاء على الطرف الآخر فاقسموا انهم لم يخرجوا على الجماعة وانما خرجوا على ممارسات القيادة الحالية التي ضاقت بهم ذرعا ولم تترك لهم مجالا لكي يتحركوا او يجتهدوا، قلنا وقتها -كما تذكرون- : ان “زمزم” لا مستقبل لها، وان الانشقاق عن الجماعة كارثة، وان الاصطفاف “الهوياتي” لا يليق بالدعوة ولا بالاخوان، كانوا يقولون لنا : جربوا معهم اذا كانوا جادين بالاصلاح، وكنا دائما نراهن على ان “عقل” الجماعة سيصحو، وان الحكماء سيتحركون لرأب الصدع، لكننا في كل مرة نصطدم بجدار “الممانعة “ لان بعض القيادات اصرت على ان تستحوذ على كل شيء، وان تحول الجماعة الى “ترس” تحتمي به من ضربات الخصوم ونصائح العقلاء والاصدقاء على حدّ سواء.
في كل مرة -ايضا- نتدافع لالقاء اللوم على “دعاة الاصلاح” ونتهمهم بالتسرع ونطالبهم بالصبر، كنا نسمع من القيادات الحالية ان الجماعة مستهدفة، وان الوقت الآن ليس للمحاسبة وانما “للتماسك والوحدة”، لكن لم يخطر في بال اخواننا هؤلاء انه اذا لم يكن الآن هو وقت المراجعة والتصويب من الداخل والتنازل فمتى سيكون ذلك؟ بعد “حل” الجماعة مثلا..؟ ام بعد ان يخسر الجميع كل ما بناه الاجداد والآباء على امتداد 70 عاما..
اسمحوا لنا -ايها الاخوان - ان نصارحكم بأن الذين خرجوا عنكم وانشأوا جمعية باسمكم قد اخطأوا، لكنكم ايضا اخطأتم حين سمحتم لانفسكم ان “تتقمصوا” الجماعة وكأنها ارث لكم وحدكم، تمنحون منه من تحبون وتحرمون منه من تكرهون، اخطأتم حين اخذتكم العزة بشرعية الانتخابات بدل ان تأخذكم الى التوافقات، اخطأتم حين اغلقتم لواقطكم عن سماع النصائح الصادقة، فاحذروا ان تخطئوا اليوم بالانتصار لشرعية القيادة على حساب انقاذ الجماعة.
الآن جاء وقت المراجعة “والتصويب”، فهل ستكونون بمستوى المرحلة وهل ستفتحون عقولكم وقلوبكم لاصوات الحكماء الذين اخترتموهم لرأب الصدع، هل ستعترفون ايضا بانكم جزء من المشكلة وانكم على استعداد لتسليم الامانة؟؟، اذا فعلتم ذلك سيكتب التاريخ للاجيال ما قدمتم من تضحيات، اما اذا انتصرت”اثرتكم” فلن يسامحكم احد، لانكم عندئذ لن تكونوا احرص على الجماعة من الذين خرجوا عليكم، كما انكم لن تكونوا احق بها منهم.
تذكروا في هذه الجلسة ان معركتكم الحقيقة مع انفسكم اولا قبل ان تكون مع خصومكم او مع اخوانكم الذين انفضوا من حولكم، وانتصاركم عليها هو انتصار لمستقبل الجماعة، كما ان تنازلكم عن الشرعية التي انتزعتموها من الصناديق ستصب في رصيد الحفاظ على شرعية الجماعة، تذكروا ان ما انجزتموه هو اضافة “لارث” انتهى اليكم واصبح امانة في اعناقكم فلا تضيعوه في لحظة مكابرة او عناد، انتم الان بين خيارين : اما ان تنحازوا لصوت العقلاء فتكسبوا الجماعة ومعها فضيلة التضحية والايثار، واما ان تأخذكم حسابات “الصناديق” واوهام الصمود فتخسروا “الحسنيين” : شرعية الجماعة والقيادة معا .
باختصار، لن يكون بمقدور احد ان يساعدكم اذا لم تساعدوا انفسكم، فلا تفوتوا هذه الفرصة. الدستور