الرؤية العشرية في مأزق
يشير حديث وزير التخطيط حول مشروع وثيقة الرؤية العشرية ، إلى أن الحكومة تفهم الرؤية على أنها خطة أو مجموعة خطط تنفيذية ترتبط بأهداف معينة ومواعيد محددة ، وهذا ما اعتاد الأردن عليه خلال النصف الثاني من القرن الماضي عندما تتابعت الخطط الخمسية التي قادتنا إلى قرع أبواب صندوق النقد الدولي!.
وإذا صح هذا الفهم للرؤية ، فسنكون بإزاء سلسلة من الخطط الثلاثية بحيث يتم الالتزام بها لثلاث سنوات ، يتبعها تحديث خطة ثلاث سنوات أخرى على ضوء تطورات الواقع في حينه ، وهكذا.
لا بد في هذا المجال من التمييز بين الخطط التنفيذية من جهة ، وبين الرؤية من جهة أخرى. لأن الخلط الحاصل بين المفهومين يؤدي إلى الارتباك ، وربما كان هذا هو السبب في تأخر صدور الرؤية وفوات المواعيد الملتزم بها.
هذا من جهة تكييف الرؤية وتمييزها عن الخطة ، ولكن هناك مأزقاً آخر يواجه إعداد الرؤية ، ففي حين كان المقصود تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عن طريق عدم السماح لها بالارتفاع بمعدل يفوق معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية ، فإن مفاجآت أخرى غيرت الصورة جذرياً.
لم يعد ممكناً تطبيق هذه الرؤية في مجال السيطرة على المديونية وتخفيضها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بعد توقيع اتفاقية إقامة مفاعلين ذريين لتوليد جزء من احتياجات الأردن المستقبلية من الكهرباء بكلفة عشرة مليارات من الدولارات ، تضاف إليها الفوائد ، مما يرفع المديونية فوق جميع الخطوط الحمراء ، ويرفع كلفة خدمة الدين العام بما يفوق طاقة خزينة المملكة ، ويشكل ضغطاً على احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية. ذلك أن أي شكل آخر من التمويل تحت اسم الشراكة أو غيرها ليس في الواقع سوى مديونية مقنـّعة على الأردن تسديدها مع فوائدها.
الرؤية العشرية كما نفهمها تعني أن نحدد بوضوح أين نحن الآن بجميع المقاييس والمؤشرات والموازين الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والتجارية إلى آخره ، وأين نريد أن نكون بعد عشر سنوات من الآن ، بتحديد كيف وكم ستتغير هذه الموازين بالاتجاه المرغوب فيه.