ربيع سوريا والعراق ... مختلف !
لا شك بأن الربيع العربي كان صادما” ومرعبا” للأنظمة العربية الإستبدادية والقمعية ؛ حيث وقفت هذه الإنظمة مرعوبة من شعوبها الثائرة والمنتفضة ، وكيف لا ترتعب من شعوب عهدتها دائما” وهي تبلع الظلم بهدوء وسلام ، وتعد سياط الجلادين دون همس أو كلام .
وتفاجأ بالزلزال العربي كل الدول الإستعمارية الراعية لهذه الأنظمة الديكتاتورية في عالمنا العربي ، يوم رسمت لها خطوط الحياة وسبيل البقاء والنجاة ؛ ولكن الدول الإستعمارية أستوعبت الحدث العربي بسرعة كبيرة ؛ ثم ركبت موجاته وتحكمت في إيقاعه وفي خطوط سيره وفي مخرجاته .
في بداية الربيع العربي قدم التوتسيون مئات الضحايا والجرحى والمعتقلين ، فأتخد الجيش التونسي قراره السريع بإمتصاص هذه الغضبة الجماهيرية المفاجئة للجميع ، وقام بتهريب الرئيس التونسي ليكون بعيدا عن عيون الثائرين ؛ ولكن ما هي إلا سنوات معدودة حتى عادت زمرة الرئيس الهارب لقيادة التونسين ومن باب الديمقراطية الوليدة والجديدة في هذه المرة !.
وتكرر السيناريو التونسي مع الثورة المصرية ؛ ولكن بفارق بسيط وهو : أن الرئيس المصري السابق جرى اعتقاله ثم إقتياده لمحاكمة صورية تهدف لإمتصاص نقمة الجماهير وإطفاء نيران الثورة المصرية ، وبعد سنوات قليلة عاد أغلب أعوان الرئيس السابق ورموزه لقيادة البلاد من جديد ، ونال الرئيس المصري مع كل أبناءه وأعوانه واتباعه صك البراءة الأبدية من تهم الفساد والإفساد والقتل والإجرام .
وفي ليبيا تمت الثورة الليبية بدعم عسكري قوي من دول الغرب ، وجيء بوزير العدل الليبي السابق ليحكم البلاد ؛ ولكن الأمور تعقدت هناك ، فنشبت معارك طاحنة بسبب التدخلات الغربية والدولية في الشأن الليبيي الداخلي ، وساعد على تلك الحروب وجود السلاح بأيدي المليشيات المسلحة والتي أطاحت بالنظام الليبي السابق ...
وفي اليمن قطعت الطريق على الثورة اليمنية بالمبادرة الخليجية ، وهي المبادرة التي عزلت الرئيس اليمني السابق ، ووفرت له الحماية الكاملة من كل الملاحقات القانونية وجاءت بنائبه السابق ليحكم البلاد ...
ومن ببن ثورات الربيع العربي بقيت الحالتان : السورية والعراقية مختلفتان تماما” عن كل ربيع وعن كل ثورة ؛ فهاتان الدولتان الواقعتان على الخريطة اليهودية لإسرائيل الكبرى المرسومة بين الفرات والنيل ؛ لذلك فقد كان ربيعهما مختلف وفصولهما مختلفة وجحيمهما مختلف ! في العراق العربي وفي سوريا العربية سفكت دماء الأبرياء والأتقياء وسالت أودية وأنهارا ؛ وأشتعل الحاقدون الصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية والتي لا تنتهي ؛ وعلى أرض الدولتين العربيتان تجمع كل جواسيس الكون وعملاء الأرض ليبثوا الفرقة وليشيعوا الفتنة ؛ وعلى أرض هاتين الدولتبن صفيت الحسابات الاقليمية والدولية بين كثير من دول هذا العالم ، وعلى أرض هاتين الدولتين حدثت ابشع المجازر المروعة ، وعلى أرض هاتين الدولتين حدثت الإبادات الجماعية لأبناء الأمويين ولأبناء العباسيين ؛ وعلى أرض هاتين الدولتين شاهدنا القتل على الهوية للإنسان للعربي وشاهدنا التطهير العرقي والقسري للإنسان العربي ...
لقد كانت ثورة الشعب السوري والشعب العراقي مختلفة تماما” عن كل الثورات العربية الأخرى ؛ فعلى أرض هاتين الدولتين شاهدنا التجويع والجور والفاقة والمرض ، وعلى أرض هاتين الدولتين شاهدنا القتل والتعذيب والتنكيل والترويع ؛ وعلى أرض هاتين الدولتين حل الظلم وعم الظلام وتحكمت الحثالة بمصير البشر وتحكم الأوغاد بمصير العباد ...
قال تعالى : ان مع العسر يسرا ؛ إن مع العسر يسرا ... فيا أهل العراق والشام : أبشروا بالنصر والفلاح ؛ فأنتم الكرام وأبناء الكرام ، فلقد إمتحنكم إلهكم فصبرتم ، وابتلاكم ربكم فجاهدتم لسنوات طويلة دون كلل وملل ... فإن حيد الطامعون وإن أبعد الحاقدون عن هاتين الدولتين العربيتين ؛ وإن بترت الأيادي الخبيثة والمتآمرة والشريرة في هاتين الدولتين ؛ فبإذن الواحد الأحد سيثمر ربيعهما سيثمر التصر المؤزر ؛ فالتضحيات العظيمة ستفضي لأعظم الإنتصارات وهذه سنة الله الأبدية بين خلقه وعباده ...
لقد ضربتم مثلا” خالدا” للعالمبن ولهذه الأمة المحمدية في الصبر والثبات والجهاد وفي تقديس الكرامة الإنسانية ورفض الظلم والطغيان ، وإنكم وبما قدمتموه من تضحبات العظيمة ، وبما بذلتموه من دماءكم الزكية والطاهرة ؛ لتستحقون الخيرية في هذا العالم ...
وأدعو الله تعالى ؛ بأن يتقبل شهداء هذه الأمة ، وأن يتقبل شهداء الشعبين السوري والعراقي ؛ رجالهم ونسائهم وصغيرهم وكبيرهم ؛ وأسأله تعالى بأن يداوي جراحات هذه الأمة المنكوبة ، وأن يداوي جراحات السوريين والعراقيبن ؛ وأن يعوض على أمتنا العرببة لقاء صبرها على الظلم الفرج القريب ؛ وبأن يمن على الشعبين السوري والعراقي بنصره المؤزر جزاء” بما عانوه وما بذلوه وما قدموه على طريق الكرامة والحرية ، وادعوه تعالى بأن يولي أمر هذه الأمة المنكوية الاتقياء والأوفياء ، وبأن يولي أمر السوريين والعراقيين لقيادات ذات بصيرة وحكمة وفطنة ، تحمل من ورع وزهد عمر بن عبد العزيز الشيء الكثير ، ومن رجولة ونخوة المعتصم بالله الشيء الكثير ، ومن تقوى وإيمان هارون الرشيد الشيء الكثير ....
اللهم جنب أمتنا العربية البلايا والحروب والمحن والفتن ؛ واكتم أنفاس العملاء والمنافقين ، وأمحق جميع الكفرة والمشركين ، واقطع دابر اليهود الغدارين ... يا حي يا قيوم أجب دعوة المظلومين منا وما أكثرهم بينتا ! ومكن لأمة القرآن المحمدية ؛ يا حي يا قيوم ؛ يا الله ؛ يا الله ؛ أغثنا ...