فلسطين تكسب الرهان...وتنتصر!!
بعد أن أبدت إسرائيل معارضة شرسة لفكرة إنضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، خشية مواجهة مواطنيها بقضايا دولية، أعلنت المحكمة الجنائية اليوم، إنضمام فلسطين رسمياً إلى قائمة الدول المنضمة للمحكمة، وبذلك أصبحت فلسطين العضو 123 من الدول المنظمة لنظام روما الأساسي لعام 1998م، وبإنضمام فلسطين للمحكمة، يحق لها ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة إرتكاب جرائم حرب أو أخرى متعلقة بالإحتلال، وذلك بداية من 13 يونيو 2014م.
إن إعلان المحكمة الجنائية الدولية قبول فلسطين عضواً كاملاً فيها، يعتبر إنجازاً للشعب الفلسطيني وإنتصاراً لضحاياه الذين سقطوا نتيجة الإحتلال الإسرائيلي وجرائم الحرب التي إرتكبها وما يزال منذ إنشاء كيانه على أرض فلسطين، كما يعتبر خطوة أولى من قِبل المجتمع الدولي لعزل الكيان الصهيوني الغاصب، ورفع الحصانة والغطاء عن جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي نفذها بحق أبناء الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
تختص المحكمة الدولية بجرائم الإبادة الجماعية، والتي تعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكاً كلياً أو جزئياً، وقد شنت إسرائيل هجوما جوياً وبرياً على قطاع غزة في الصيف الفائت، وصف بأنه الأعنف أسفر عن مقتل أكثر من 2000 قتيلاً وأكثر من 11 ألف جريح، وفي هذا الإطار ينوي الفلسطينيون بعد إنضمامهم إلى المحكمة رفع قضيتين ضد إسرائيل، تتعلق إحداهما بالأنشطة الإستيطانية الإسرائيلية، فيما تستهدف الثانية إجراء تحقيق شامل وموسع في التصرفات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على غزة.
هذا القرار سبب هيستريا وفزعاً مخيفاً لإسرائيل، لأن الهدف منه هو محاسبة قادة الإحتلال الإسرائيلي على الجرائم التي إرتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وتشمل هذه الجرائم "مجموعة القوانين التي تبيح إعتقال الآلاف الفلسطينيين من بينهم الأطفال، وهدم المنازل، والعقوبات الجماعية، وتشكيل عصابات إرهاب يهودية مثل عصابة دفع الثمن (مستوطنون)، وتسليح المستوطنين ومنحهم الحق في القتل ونهب الأرض وتخريب ممتلكات المواطنين ومزروعاتهم"، وبالتالي فإن هذا القرار يصب في مصلحة الفلسطينيين بشكل كبير وخطوة أولى نحو خوض معركة سياسية وقضائية متواصلة وشاملة ضد جرائم الإحتلال الإسرائيلي لمعاقبته على جرائمه التي تأتي في مقدمتها جرائم حملات العدوان المتكررة على قطاع غزة، وإنتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، وممارسة جرائم ضد الإنسانية عبر المسلسل المستمر لتهويد القدس.
نحن الآن أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والأدوات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الإحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الإستيطانية والتهويد المستمر للقدس، وإنطلاقاً من ذلك يمكنني القول إن تحرير الأراضي الفلسطينية المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني المحتل سيكون عن طريق المقاومة فهي السبيل الوحيد للتصدي للعدوان الغاشم من الصهاينة، وقد أثبتت المحادثات والمفاوضات على مر العقود السابقة فشلها وعدم التزام هذا الكيان بها، وبالتالي فعلى الجميع إدراك بأنه لا مجال للإنتصار على العدو سوى بالمقاومة، لذلك لا بد من التوحد خلف إستراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الإحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة سواء كانت عسكرية أو إعلامية أو قضائية إلى أن يزول عن كامل الأرض والمقدسات الفلسطينية.
مجملاً...إن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاولوا أعداء الأمة تغّييب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغيب وستبقى القدس وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى سورية ملزمة بالنضال من أجلها ولن تتخلى عنها حتى يحقق الشعب العربي الفلسطيني تقرير مصيره ويقيم دولته المستقلة على أرض وطنه، وهذه الثوابت لا يمكن المساومة عليها لإرتباطها بالعقيدة القومية التي تؤمن بها سورية، بالتالي إن إنضمام دولة فلسطين رسمياً إلى المحكمة الجنائية يعد حدثاً مفصلياً في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني والجهود الدبلوماسية والقضائية المبذولة من أجل استرجاع الحقوق الفلسطينية كافة.
أخيراً أتوجه بالتهنئة الى الشعب الفلسطيني، على إنضمام دولة فلسطين الى محكمة الجنايات الدولية بما يتيح كبح العدوانية الإسرائيلية عبر تمكين الفلسطينيين من ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين بتهم إرتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني، فتحية من سورية الأبية المرابطة، إلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.