النوم على الحرير الأميركي
لا نعرف لماذا وما سرّ قناعات البعض بان الاتفاق النووي الاميركي – الايراني سيعيد الى المنطقة استقرارها وأمنها، وحياتها الطبيعية؟ فالاميركيون وبقية الكبار فاوضوا طهران على موجوداتها النووية والعقوبات، لكنهم لم يفاوضوها على نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، واذا استسلمت ايران نووياً، فذلك لا يعني انها تخلت عن احلامها في الامبراطورية الممتدة من دجلة الى شرقي المتوسط وباب المندب، وإنما على العكس فعلى المحليين العرب خاصة ان يتصوروا رفع العقوبات الدولية على ايران، والمال الذي سيتدفق عليها، من ريع النفط والاستثمارات الخارجية، وفي هذه الحالة فإن تمويلها لمشروعات التوسع من حزب الله الى الاحزاب الشيعية العراقية الى نظام الاسد والحوثيين وعبدالله صالح، تمويلها سيزداد وستكون قادرة على فتح جبهات جديدة.
يحب الغارق العربي في مستنقع الفوضى، ان يحلم بالامان والسلام والاستقرار، وهو حلم مشروع إذا كان قادراً هو وبقوته الذاتية وعزيمته على تحقيقه، لكن الاخرين ليسوا معنيين، ومن المؤكد ان مصلحة واشنطن هي في اعادة تشكيل المنطقة كما شكلها قبل قرن الاستعمار الاوروبي، ومن المؤكد ان اقامة علاقات حسنة بين واشنطن وطهران، ستؤدي الى اخذ مصالح الاخيرة بالحسبان، فالاستعمار البريطاني – الفرنسي اعطى الاميركيين حصة من المصالح النفطية، وعام 1953 تنازل الانكليز عن حصة في نفط ايران حين اصطدمت بحكومة مصدق الوطنية، فذهب قادة C.I.A الى طهران كيرمت روزفلت ومجموعته ورتبوا الانقلاب على مصدق.
بعض كتاب الصحافة العربية يعتقدون ان النفوذ الايراني لم يكن غير مادة مساومة في المواجهة مع اميركا او الاوروبيين، وهذا تبخيس لذكاء آيات الله، وماكنة الحكم في طهران، فالنفوذ الايراني ليس مادة ابتزاز ايراني، انه نفوذ امبريالي عادي له خططه ومصادر قوته، وهو الان قوة اقليمية اكبر من تركيا ومن مصر ومن اسرائيل، وهذا كلام لا يعجب النائمين على حرير التصورات السعيدة لحديقة الفواكه والنفط الاميركية، فالاولى ان لا يناموا على اي حرير اجنبي، وان يفهموا ان المجد القومي يقوم على سواعد العرب وحدهم.
التهاون والتحالف الاميركي – الايراني سيكون اخطر كثيراً من الصراع الاميركي – الايراني.