حوار ما بعد الانتخابات
لياسر عرمان مقولة يطيب له أن يرددها كلما تحدث للإعلاميين، مفادها: (إما أن يتغير المؤتمر الوطني أو يتم تغييره).. يقولها هكذا، من دون أن يوضح لسامعيه الكيفية التي سيتم بها التغيير، هل سيحدث بالقوة الجبرية، أم بانتفاضة شعبيةٍ؟، لا نرى للمعارضين قدرةً على بلوغها.. لأنهم ظلوا يحلمون بها، ويسعون إليها ويتوعدون خصمهم بها، من دون أن يمتلكوا القدرة على بلوغها.
* الآن انتهت الانتخابات بخيرها وشرها، وظهرت نتائجها الأولية، وقضى المؤتمر الوطني وطره منها، فوزاً مريحاً، أعلن به تجديد شرعيته، وتمديد حكمه، فماذا هو فاعل بعدها؟
* نسأل عن حال الحزب الحاكم، ولا نشغل بالنا بمواقف غيره، لأن الواقع يشير إلى أن المؤتمر الوطني هو الفاعل الأكثر تأثيراً في الساحة السياسية حالياً.
* اكتفت أحزاب المعارضة بالمقاطعة والحض عليها، ولا يختلف اثنان أن من قاطعوا فعلوا ذلك بسبب إحساسهم بضعف المنافسة في انتخابات رئاسية تزاحم عليها عدد قياسي من مرشحين لم يسمع بهم أحد، قبل أن يقرروا خوض المعركة الباردة (للشهرة).
* أما حلفاء المؤتمر الوطني فقد دخلوا لجة الانتخابات التشريعية بلا تحضير، فكان طبيعياً أن تأتي محصلتهم بالغة البؤس، ولولا أن (راعيهم) تعطف وجاد عليهم بما نسبته ثلاثون في المائة لما تعدى حصادهم ما اقتنصه برطم ومبارك عباس على حساب بلال والبرجوب.
* نمد أعناقنا مستشرفين ما سيفعله المؤتمر الوطني في مقبل الأيام، بدءاً بملف الحوار، الذي لملم الحزب الحاكم (عدته) وحفظها في ثلاجة (الأصم)، انتظاراً للفراغ من الانتخابات.
* هل سيتذكر المؤتمر الوطني أن مبادرة الحوار خرجت من رحمه، وأعلنت بلسان رئيسه، وأن نجاحها سيحسب له، وفشلها سيرتد عليه، فينشط في إحيائها، ويجتهد في التعاطي معها بنهجٍ مغاير، سعياً إلى إنجاحها؟
* إذا استمرت تلك العملية بذات النهج الذي أديرت به قبل الانتخابات فلن تختلف محصلتها، وستظل المبادرة في جمودها القديم، لا تتخطى أول عتبة حتى ترتد على عقبيها، ليبدأ المشاركون فيها حمل (صخرة سيزيف)، المرّة تلو الأخرى، بلا طائل.
* هناك أسئلة كثيرة تدور في أذهان المراقبين لمشهد الحوار المرتقب: هل سيستمر في نهجه القديم، محلقاً في الفضاء السياسي بلا رؤى ناضجة، ولا أجندة محددة، ولا إطار زمني، ولا مبادرات جادة تحرك جموده، وتنشط أطرافه المتكلسة.. أم يتغير ليكتسب الجدية والديناميكية اللتين افتقر إليهما في عهده الأول؟
* هل سيغير المؤتمر الوطني نهجه في التعاطي مع المبادرة التي ظن كثيرون – ونحن منهم - أنها تحمل في جوفها بصيص أملٍ يمكن أن يؤدي إلى تطبيب جراح الوطن، ولم شعثه، وعلاج تشاكسه، ووقف حروبه بحلٍ سياسيٍ ناجع، أم يستمر في نهجه الأول، فيحصد ذات الثمرة المرّة؟