ماذا بعد الاتفاق - الإطار؟
تلقيت قبل يومين من صديق أميركي تضمّن "الموقف" في السابع عشر من الشهر الجاري خلاصة لقائي به في واشنطن، "رسالة" أطلعني فيها على مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق – الاطار بين المجموعة الدولية 5+1 وإيران. ونظراً الى فائدتها رأيت إضافتها الى السلسلة".
"حصل الكثير منذ التوقيع المشار إليه"، قال الصديق، "لكن وسائل الإعلام الأميركية لم تهتم كثيراً بذلك لانشغالها بتغطية أخبار المرشحين الجمهوريين لرئاسة الجمهورية. أبرز ما حصل يشبه "الكباش" بين الرئيس باراك أوباما من جهة، ومرشد إيران علي خامنئي ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي ورئيس روسيا فلاديمير بوتين من جهة أخرى. وما لفت النظر الى "الكباش" المواقف المتشددة بعض الشيء التي بدأت تصدر بعد التوقيع من أطراف موقّعين عليه.
ودفع ذلك الى التساؤل إذا كان أوباما يقوم بما يلزم من أجل إفهام المتفاوضين أهمية ما يحاولون إيجاد حل له، أو إذا كان يعد نفسه لاحتدام معيّن على أكثر من جبهة خارجية. وكي لا يبقى الكلام مجرد تنظير، كان هناك تحرّك واحد وجواب واحد وجّهه الرئيس الأميركي أخيراً الى نظيره الروسي وجزئياً الى إيران. فهو أرسل ثلاثمائة مظلي أميركي الى أوكرانيا لتدريب قواتها المسلحة.
واعتُبر ذلك رداً على إرسال بوتين وحدات عسكرية روسية الى شرقها الذي يحاول أنصاره فيه السيطرة عليه بدعم منه. والرد الآخر على إيران وجّهه رئيس الأركان الأميركي من خلال جوابه عن سؤال صحافي جاء فيه: هل ستؤثر صواريخ أس – 300 الروسية التي أعلنت روسيا عزمها على تسليمها الى ايران في الخطط الأميركية المتعلقة بالشرق الأوسط والخليج، ولا سيما إذا تعذّر في آخر شهر حزيران المقبل التوصل الى اتفاق نهائي مع إيران على ملفها النووي؟ وكان الجواب: "نحن نستطيع التعامل مع هذه الصواريخ ولا نشعر بالحاجة الى تغيير خططنا. ويعني ذلك أننا نمتلك ما يمكننا من التعامل الناجح معها، كما تمتلكها إسرائيل".
عن العراق قال الصديق نفسه "أن رئيس وزرائه العبادي الذي زار واشنطن أخيراً لم يحصل على ما طلبه في أثناء الزيارة. فهو طلب معدات كثيرة لجيش بلاده. وكل ما حصل عليه كان مئتي مليون دولار مساعدة إنسانية. وقيل له في لهجة حاسمة وأكيدة أن حكومته لم تكن شاملة أي ممثّلة فعلاً لمكونات العراق (Inclusive) وأن إيران استعملت الميليشيات الشيعية بدلاً من الجيش النظامي في الحرب على
"داعش". وتسبب ذلك بعد استعادة مدينة تكريت منه بعمليات حرق وقتل ونهب على أساس مذهبي. ولهذا السبب أكد أوباما أن الطيران الحربي للتحالف الدولي ضد الإرهاب لن يستمر في مواكبة الحملة البرية على "داعش" إذا استمر التمازج بين الجيش النظامي والميليشيات. وكان موقفه قاسياً الى درجة دفعت العبادي الى الطلب من إيران علناً احترام سيادة بلاده".
وعن المفاوضات المرتقب استئنافها بعد أيام حول الملف النووي الإيراني، قام أوباما بحسب الصديق الأميركي نفسه، "بحركة وجّه من خلالها رسالة واضحة لإيران بعدما أظهر عدد من الرسميين فيها عودة عن التزامات في الاتفاق – الإطار تتعلق بتفتيش منشآت معينة، وكانت اتفاقه مع الكونغرس وإعطاؤه إياه دوراً في مواجهة أي اتفاق مع إيران وفي الموافقة عليه. وهذا ما على الإيرانيين أن يتنبهوا إليه".
أما في خصوص القمة المقررة الشهر المقبل بين أوباما وقادة مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد فأشار الى أن "الشائعات في واشنطن تتحدث عن احتمال توقيع مذكرة تفاهم بين الفريقين تضمن أميركا بموجبها حماية دوله في حال توصلها الى اتفاق مع إيران. وتشمل المذكرة اليمن ودور المجلس فيه وربما تشمل سوريا أيضاً. وهذا مهم وخصوصاً بعدما تحسّنت علاقة تركيا وأميركا أخيراً. والجميع يعلمون رغبة رئيسها أردوغان في إزاحة الرئيس بشار الأسد عن السلطة، والدور الذي ستقوم به الوحدات السورية المعتدلة التي تدرّبها تركيا في الدفاع عن حلب وعن المنطقة الشمالية من سوريا".
وأنهى الصديق الأميركي بالقول "إن مسيرة "داعش" في العراق قد أُعيقت جدياً ولكن لا بد من وقت طويل قبل طرده من العراق. علماً ان لا خطط حتى الآن لطرده من سوريا. وهذا غصن زيتون تقدّمه أميركا الى تركيا".
ماذا عند مسؤول سابق تعاطى مع قضايا المنطقة وأبرزها سوريا ولبنان وإيران ولا يزال ولكن من موقع الباحث؟