اليمن .... قراءة هادئة لواقع مؤلم
تتلاحق الأحداث في الأزمة اليمنية افقياً وعامودياً، بمعنى عسكرياً وسياسياً، على نحو يبدو الغموض والالتباس هما سيدا الموقف، اكثر مما تؤشر أو تضيء على احتمالات ماثلة لتجنب الانزلاق الى حرب اقليمية (بمشاركة او دعم دولي)، في ظل ازدحام منطقة بحر العرب وخصوصاً باب المندب وخليج عدن، بالأساطيل العربية والاميركية ، السعودية حققت اهدافها المعلنه على الأقل في ضرب ترسانة الاسلحة الضخمة للحوثيين والجيش الموالي لزعيم الفساد صالح وامنت حدودها فهي يهمها في المقام الاول أمنها القومي وليست التدخل من اجل سواد عيون الشعب اليمني ، تركت السعودية اليمن في غياهب المجهول ، من يقرأ تطور الاحداث بمنطق وعقلانية بعيدا عن التشنج والعنتريات يكتشف جملة من الامور وراء السطور فالاعلام لأطراف النزاع في اليمن وكذا أعلام القوى الاقليمية الفاعلة(ايران والسعودية ) في واد وما جرى ويجرى في واد اخر لعل اجهزة الاعلام في ظروف الحرب وما بعد الحرب تفعل فعلها السلبي وكذا مواقع التواصل الاجتماعي ، مايهم المواطن اليمني هو ان يتنفس الصعداء ويفكر بهدوء لما بعد عاصفة ال سعود والاهم بداهة هو ان تقابل هذه الخطوة بأجراءات ملموسة على الارض من القوى الفاعله في اليمن والتي سببت في استحضار القوى الخارجية من جهة والمقاومة الشعبية من جهة أخرى لأظهار حسن النية وذلك من خلال وقف إطلاق النار فوراً .. بعيداً عن التشنجات والتطبيل الاعلامي لهذا الطرف او ذاك وكذا وإستعراض العضلات والأحتفال بالنصر او الهزيمة...!!!
شئ مؤلم ان يتناحر اليمنيون فيما بينهم والأشد إيلاما عندما يقصفون بجبروت جيرانهم ( وظلم ذوي القربي أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.)
الكل يدعي النصر ولكن المهزوم هو الشعب اليمني الصابر على مغامرات الحوثيين والمراهقة السياسية وهوس من عبث باليمن لعقود للسلطة ، من رحم المعاناة سيولد يمن جديد لاشك وسيتوارى هؤلاء من المشهد السياسي وحسنا لهم بهذه الحلول التي ستحفظ ماء الوجه والا لكان للشعب كلمته بعد خراب البصرة وقد تكون نهاية زعيم الفساد نهاية درامية اسوة بدكتاتوريين عرب عصفت بهم رياح التغيير للربيع العربي ،
بالفعل كل يدَّعي وصلاً بليلى .... وليلى لا تقر لهم بذاكاً!
أعلنت القوى المتربصة باليمن انهاء عاصفتهم وتركت اليمن كمن يترك المريض والجراح وهي في منتصفها فقط يهمها في المقام الاول امنها القومي وتأمين حدودها ، وهذا بحق يبدو منطقيا في عصر المصالح والقوة فالسعودية ليست جمعية خيرية فقط اذا اثبتت عكس ذلك وتبنت مشروع مارشال ضخم لانتشال الوضع الاقتصادي المزري لليمن المتدهور اصلا قبل الحرب وقبل ثورة فبراير 2011 فالرئيس السابق صالح لم يبني سوى نظام سياسي قوي ودولة ضعيفة ، وزرع الفتن والتناقضات في المجتمع اليمني خلال عقود مضت ، على الجارة الكبرى ان تدخل اليمن لمجلس التعاون الخليجي اذا كانت جاده في ضمان عدم عودتي حوثي اخر فالإرهاب في اليمن في المقام الاول هو الفقر وليست التنظيمات الارهابية التي ترزق وعاش منها الرئيس السابق وجعلها مطية للتدخل وغياب القرار السيادي اليمنيي فهو من ابتدع ظاهرة الطائرة بدون طيار منذ سنوات قبل الربيع العربي وهو من ركز جهده لبناء ترسانة سلاح كان مصيرها التلف والدمار تحت ضربات التحالف
ورغم ذلك على اليمنيين ان يتوافقون على كلمة سواء ولا يعولون على الخارج بقدر ابداء حسن النوايا وتواري من عبثوا باليمن صالح والحوثي وهادي ، فالأخير هو من سهل سقوط المدن امام المد الحوثي ويفترض منهم ان ينصبوا له تمثالان الاول مدخل مدينة عمران والثاني في صنعاء ، ولن يكون يمن مستقر طالما هؤلاء الثلاثة يتصدرون المشهد السياسي نريد قوى شابه نظيفة لم تتدنس بالعهر السياسي مثل الاستاذ خالد بحاح وحكومة كفاءت هم من وافق الجميع عليها ولاسيما الحوثيين وهم في عز جبروتهم .
الكره الان في ملعب هؤلاء فعندما تسكت المدافع تبداء السياسة والدبلوماسية بعيدا عن التشنج والعنتريات الزائفة !
يبدو ان العملية السياسية ستنطلق وفق هذه المعطيات فتاريخ 21 ابريل سيكون علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث ويفترض من اليمنيون ان يقدروا فرصة احلال السلام فقد مل الشعب استمرار الاحباطات والتدليس من القوى الديماغوجية والتي تستقوي بالخارج واعادة الامور الى ماقبل 21 سبتمبر. وما عدا ذلك يعني دخول اليمن في مستنقع الحرب الاهليه التي طالما تجنبها اليمنيون ومنحو الرئيس صالح حصانة لم يكن يحلم بها اي دكتاتور عربي .
ربما يكون الاتصال الهاتفي الذي حصل بين الرئيس الروسي والملك السعودي هو الأكثر اهمية واثراً في سبيل للتوصل الى حل سياسي للأزمة اليمنية، من تلك الاشارات غير الواضحة تماماً،
حسم التمرد الحوثي ونزع سلاحه، والوصول إلى مرحلة تفاوض سياسي بعيدة من منطق التهديد بالقوة والاستقواء بإيران، يعني نهاية الحلم الإيراني في جنوب شبه الجزيرة العربية، فضلاً عن أن هذه النتيجة يمكن تطبيقها مستقبلاً على الأزمة السورية، وهو ما يدفع طهران إلى الاستمرار في خلط الأوراق اليمنية، والتحريض على حرب أهلية بين اليمنيين، ومحاولة نقل هذا البلد إلى حال من الفوضى تشبه الوضع في سورية.
فعلا من رحم المعاناة يبدو ان يمن جديد يتشكل وبأن دولة مدنية بعيدة عن الإسلام السياسي وتطفل تحالف المؤسسة العكسرية مع القبيلة ، دولة مدنية يتساوى فيها اليمنيون في الحقوق والواجبات ، ثمة مثل صيني يقول بدلا من ان تلعن الظلام اشعل شمعة ، وبدلا من ان تتبارى الآلة العسكرية الضخمة للفاعلين السياسيين في حشد الراي العام ضد دول الجوار عليها ان تتنازل من اجل مصلحة شعوبها وتنفذ قرارات الامم المتحدة فرب ضارة نافعة فاليمن غدا تحت المجهر الدولي والاقليمي والبحار محاصرة والاجواء محضورة لاي حماقات وترسانة الأسلحة لم تستخدم سوى لتهديد الشعب ودول الجوار نريد دوله مسالمة تركز على الامن وليس على الجيش الذي فقط يحمي النظام وابعاد المعسكرات من المدن ،
تداعيات هذه الحرب ستفرز بداهة واقع جديد وخارطة سياسية جديدة واحزاب تؤمن بالديمقراطية سوى المؤتمر او الإصلاح او الحوثيين الذي ليسوا حتى بحزب سياسي حتى الان ، ستهداء اليمن عندما لا يكون الحزب اهم من اليمن ورئيس الحزب اهم من الحزب نفسه ومجتمع وأعلام لا يمجد الزعيم ، ولا تحكمه طائفة ومذهب تؤمن بالثيواقراطية بل مشاركة سياسية كل بحجمه الحقيقي
كانت اليمن تسير للمجهول حتى لو لم تتدخل السعودية وكانت بوادر حرب اهليه تلوح في الافق ، اليوم بمعزل عن السلاح والاستقواء بالخارج ستتضح كل القوى بحجمها الحقيقي ، اذا كانت عاصفة الدمار قد قتلت مدنيين بالعشرات فالشهور السابقة لها قتل الاف والسنوات الاربع الماضية قتل اعداد هائلة وفي الحروب الست قتل عشرات الالوف من الطرفين وكلهم يمنيون وفي اخرالمطاف تحالف الاخوة الاعداء طمعا وهوساً بالسلطة . رحم الله ابو الاحرار الشهيد محمد محمود الزبيري عندما قال:
والشعب لوكان حيا ما استخف به فرد ولا عاث فيه الظالم النهمُ