المديونية.. منصة للهجوم
اتخذت النخب في الأردن من المديونية منصة لانتقاد السياسات الاقتصادية للحكومة , وإن كان عدد قليل منهم خرج بهذا الهجوم الى العلن فإن مثل هذه الانتقادات لم تتوقف في المجالس الخاصة.
لا تزال محاضرات رئيس الوزراء الأسبق والعين سمير الرفاعي وفيها دفعات قوية من القلق مدار نقاش وفيها قال ان المديونية العامة ارتفعت إلى نحو 23.5 مليار دينار خلال السنوات الاربع الماضية.
سرعان ما إنضمت شخصيات أخرى للتنبيه من مخاطر المديونية وعما قريب ستشهد المنابر أصواتا مماثلة.
صحيح أن المديونية كانت قبل اربع سنوات 11.3 مليار دينار لترتفع الى 23.5 مليار، لكن الصحيح أيضا أن بعض أسباب إرتفاع هذه المديونية كان مبررا مثل خسائر وديون شركة الكهرباء الوطنية التي باستبعاد تمويلها سينخفض الدين إلى 63 % من الناتج المحلي بنسبة 5ر16 نقطة مئوية.
من الأسباب أيضا عبء اللجوء السوري وظروف المنطقة وتراجع السياحة وغيرها من العوامل وهي بالمناسبة تنقسم الى شقين خارجي وداخلي أما الأول فيصعب التحكم به لكن آثاره مغطاة من المنح والمساعدات وإن كانت غير كافية أما الثاني فالتحكم به قيد السيطرة لكن الملاحظات تتركز على الآليات والسياسات وبعضها لا يبدو أنه يحقق النتائج المرجوة.
تستند الحكومة في صحة سياساتها المالية الى شهادات مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي الذي توقع استمرار النمو في العام الحالي باعتبار أن نتائج برنامج التصحيح الثلاثي قد بدأت آثاره تظهر وهو بالمناسبة لا يتضمن حلولا اقتصادية , بل إجراءات مالية صرفة , ولعل هذا ما دفع الملك إلى طلب رؤية اقتصادية عشرية تغطي ما عجزت عن تحقيقه السياسات المالية.
في الجهة الأخرى لا تزال أسهل الحلول هي أفضل الطرق , ومنها سهولة الإستدانة فالحكومة وجدت في هذه الشهادات حافزا لمزيد من الإقتراض من البنك الدولي وجايكا والاتحاد الاوروبي بنحو مليار دينار، ومليار أخرى من سندات اليورو بوند، و 264 مليونا من صندوق النقد الدولي لتمويل عجز الموازنة المتوقع أن يبلغ 3 مليارات دينار بعد المنح.
حتى الآن لم تجلب الحلول المالية سوى مزيد من الأزمات , مديونية وعجز في الموازنة , في ظل إستقرار سلبي في معدلات البطالة وتراجع في رقعة الطبقة الوسطى , بالمقابل تحد التشريعات المالية مثل الضرائب من إنطلاق الحلول الاقتصادية البسيطة مثل المشاريع المتوسطة والصغيرة بينما كان ينبغي أن تستخدم الأدوات المالية في خدمة الاقتصاد نراها لا تحسن الا خدمة ذاتها.
تنفذ الحكومة برنامج اقتراض موسع لهذا العام , ليحل المال المقترض في محل ديون واجبة السداد وبذلك يظل عبء المديونية ثابتا.
في الأمثال نقول إذا كثر ناقدوك فهو دليل على نجاحك لكن ليس في معظم الأحيان.