ابو كعكة
العديد من القصص التي ارتبطت بالريف في عالمنا العربي ورأيناها في اعمال تلفزيونية كانت تضم شخصية الرجل "البركة" او بشكل مباشر وصريح شخص "هبيله" يلبس ملابس قديمة ومرقعة وشعره طويل ولحيته فوضوية ويعلق في رقبته مسبحة طويلة وأحيانا كعكة او تنكة صغيرة، وأحيانا تكون هذه الشخصية رغم كل مظاهر الهبل فيها تنطق بالحكمة، وأحيانا يحيط بها الغموض وربما يعتقد المشاهد ان وراء شخصية ابو كعكة شخصاً مهماً او يخفي سرا او ربما يذهب الخيال الى انه ضابط شرطة، لكن بعد انقضاء صفحات الحكاية او حلقات المسلسل يكتشف المشاهد او القارىء ان ابا كعكة لا يملك قدرات خارقة وانه شخصية مطلوب منها ان تحمل على أكتافها كل انواع الغباء والهبل وأحيانا ان تثير قرف مجموعات من المشاهدين بشكلها وطريقة حديثها وتصنعها الحكمة، وتزداد حالة النفور من هذه الشخصية والشعور بان وجودها ليس اكثر من حشو إضافي على المشهد عندما تكشف لهم الأحداث انه ليس اكثر من هبيلة، وان الكعكة التي يضعها في رقبته ليست حالة ذكاء بل جزء من شخصيته الحقيقية كشخص لا يعرف صورته لدى الناس ولو كان يعرف حقيقة مكانته لما اعتقد ان مايقوله حكمة ومايلبسه ليس ملابس أولياء الله الصالحين بل ملابس من لا يدركون ما يجب مما لا يجب.
لكن شخصية ابو كعكة او ابو تنكة قد تبقى عالقة في الاذهان رغم انها شخصية تثير في الناس السخرية وليس الإعجاب، ويبقى المشاهد يتندر بها ويتسلى على سيرتها وطريقة حديثه ، ولا يغير من حقيقة ابي كعكة قناعته انه حكيم ومهم ، فَلَو كان في حالة غير التي هو عليها لما علق في رقبته كعكة ومشى بصورة هزيلة وقال كلاما لايصدقه احد حتى وان استمعوا اليه وضحكوا عليه.
وفي الاقوال المأثورة "ان الاطفال وحدهم يصدقون ما يفعلون" لكن واقع الحياة يقول ان هناك نماذج ومنها نموذج ابو كعكة يصدق ما يفعل ، ويعتقد أن اهتمام الناس بما يقول ويفعل احتراما ومكانة ولا يدري انها لغايات التسلية فمكانته ليست ما يعتقد بل ما هي في نفوس الناس ، ولو عاد له وعيه ولو لزمن محدود لعرف كيف ينظر اليه من حوله.