البنية والبناء !
هل نظلم أنفسنا إذا قلنا إن البنية الأساسية للتعليم في جميع مراحله بنية ضعيفة ؟ الجواب نعم ، فالبنية في تعريفها بأنها نوع التركيب الخاص للكائنات أو الأجسام ، وأن نوع التركيب هو الذي يعطي نوع البنية ، وسواء انطبق التعريف أو لم ينطبق على مفهوم بنية التعليم في بلدنا ، فالمعنى يقودنا إلى جردة حساب منذ أول مدرسة حتى آخر مدرسة أو جامعة تقام على هذه الربوع .
أتمنى من كل قلبي لو نقوم باستحضار خارطة البناء تلك ، كي ندرك حقيقة المشهد الماثل أمامنا اليوم ، فلا نظلم ماضينا ولا حاضرنا ، ولا نفقد بوصلتنا نحو المستقبل حين تتسع الرؤى في وضح النهار ، فنحن غالبا ما نرسم صورة قاتمة لواقعنا لأننا نسدل الستائر بدل أن نفتح النوافذ !
المشكلة في أحد جوانبها هي أن الجزئيات تحرمنا من إدراك الصورة الكلية ، وأننا حين نتحدث عن البناء ، ووضع لبنات فوق ما هو منجز ، فهناك من يسأل على الفور ، هل يتحمل البناء تلك الإضافات ؟ أو هل من شأن تلك الإضافة أن تجعل الصورة الكلية بهية بالقدر الذي نريد ؟
تلك أسئلة مشروعة ، ما دامت تطلب الإجابة الصادقة وليس التشكيك ، فها نحن جميعا نوجه الأسئلة إلى وزير التربية والتعليم ، وإلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي بإلحاح ، ولكن حين نسمع الأجوبة يتفاوت قبولها من شخص لآخر ، وكأننا نريد تثبيت الأزمة بدل حلها عن طريق مبادرات خلاقة .
لا أتردد في أن أقول لقد أعجبتني المبادرات التي يقوم بها الوزيران ، والأهم أنهما قالا في مناسبات كثيرة " نحن نواصل ما بناه من كانوا قبلنا في المسؤولية " فذلك هو الفرق بين أن تزيل لبنة مبنية ، بدل أن تضيف لبنة جديدة ، لأن الأساس المتين الذي بناه الأوائل ما يزال متينا ، وإلا كيف وجدت تلك البنية الواسعة ، وهذه القدرة الفائقة على استيعاب الطلبة في جميع مراحل التعليم ؟
نحن بحاجة إلى مراجعة حقيقية لواقع التعليم ، تتيح لنا التعامل مع الحقائق والأرقام ، وترينا بشكل أكثر وضوحا نقاط القوة والضعف ، وتتيح لنا رسم سياسات التعليم وفقا لمتطلبات التنمية ، وتحسين نوعية الحياة ، وذلك أمر في ايدنا إن أردنا !