لم لا تؤجلوا فعالية الجمعة؟
مشكلة الإخوان المسلمين في الأردن ليست خارجية فقط، بل هي داخلية، وعمرها ممتد سنوات طويلة، ولو لم تجد «الأيدي الخارجية» مرتعا في الداخل لما عبثت!
الإخوان اليوم على مفترق طرق فعلي، ومشكلتهم لا تخصهم وحدهم، فهم حالة أردنية وطنية، وفعالية الجمعة الاحتفالية، تُسرّع باقتراب لحظة الحقيقة لهم، ولغيرهم.. وبين يدي المشهد الإخواني الساخن الذي شغل الكثيرين أخيرا، لنا جملة من الاستخلاصات المباشرة..
أولا/ ليس مقبولا لا في المنطق ولا في غيره، أن نكتشف بعد سبعين سنة أن بين ظهرانينا جماعة غير مرخصة، وآن أوان «محاسبتها» إما بترخيص جديد، أو اعتبارها خارجة عن القانون، والوثائق كلها تؤكد أن الجماعة تعمل وفق ترخيص صادر عن مجلس الوزراء في إمارة شرق الأردن، وقبل قيام المملكة، حين كان اسمه «مجلس المستشارين» هذا يعني أن قصة الترخيص محض ذريعة لتصفية حساب، والقصة «مش رمانة، قلوب مليانة»!
ثانيا/ لا نفهم تحت أي منطق، ونحن بصدد محاربة «الإرهاب» الذي يدق أبواب حدودنا، كيف يمكن أن نقدم على فتح معركة مع شركاء الدولة في محاربة هذا الشيء الذي لم يخل نص خطابي رسمي أردني من تكراره، هل يعقل أن تحارب «الإرهاب» بدون من شاركوك هذا الهم؟ وهم وأنت مستهدفون به؟ محاربة الإرهاب ليس برسالة عمان، التي باتت بحاجة لتحديث، بل بالإخوان، ومن هم على شاكلتهم، ممن ارتضوا أن ينضووا تحت مظلة الدستور والقانون، وشاركوا في الحياة البرلمانية، وارتضوا بشرعية النظام، بل شاركوا بالحكومات أيضا، ماذا يريد أن يقول من يحارب الإخوان اليوم للشباب المتحمس؟ اكفروا بالديمقراطية، والعمل السلمي، واذهبوا لداعش؟ هل ثمة وصفة للخراب أكثر من هذا؟
ثالثا/ مهما قال الإخوان عن أهداف فعالية الجمعية، وبراءتها، وبعدها عن أي غرض مرتبط بترخيص «الجمعية» فهي فعالية لا يمكن ان تُفهم إلا في سياق استعراض القوة في وقت لم يعد مناسبا أبدا، بل فهمتها بعض دوائر صنع القرار باعتبارها تحديا لصانع القرار، وهذا أمر غير محتمل بالنسبة له، ومن الأفضل للاخوان والبلد اللجوء للحكمة، وتأجيل الفعالية لوقت أكثر مناسبة، لترك المجال للحوار والتفاهم وراء أبواب مغلقة، مع صاحب القرار، والتفكير من ثم بعقول باردة لنزع فتيل أي مواجهة محتملة، لا سمح الله، خاصة وان ما رشح من معلومات يؤكد عزم السلطات المختصة منع الفعالية، لأنها ببساطة لن تقبل أن تبدو وقد طأطات رأسها أمام الجماعة، فلتلتقط الجماعة الرسالة، فقد عودتنا ان تتحلى بالحكمة والمرونة، والحرص على مصلحة البلد طيلة سنوات عمرها السبعين!
رابعا/ متى ستدرك الجماعة أن الدنيا تغيرت، وتخرج من حالة الإنكار التي يعيشها بعض أصحاب القرار فيها؟ وأنها الآن في حالة ملحة جدا جدا لعملية مراجعة وإعادة بناء، وفق المتغيرات الجذرية التي ضربت بلادنا والعالم كله؟ ولعل هذه النقطة تحديدا بحاجة لمقالة أخرى!