طبول الحرب في عمان
يتوعد وزير الداخلية جماعة الإخوان المسلمين، كونها تريد إقامة احتفالية يوم الجمعة المقبلة في عمان، بالذكرى السبعين لتأسيسها، ويقدح الوزير الجماعة باعتبارها غير مرخصة.
في المقابل تبدو لافتة نعومة مفردات الجماعة في الرد، على الوزير وغيره، من حيث تأكيد إقامتها، بلغة لطيفة لاتحوي أي تصعيد، ولا تحدٍ ولا تهديد، وبحيث يظهر الوزير والحكومه فقط، بصورة الذين يتوعدون ويهددون، فيما الغخوان ينطقون برشد ولطافة، وهذا ذكاء استباقي، يؤسس لفروقات في تحميل المسؤوليات يوم الجمعة منذ الآن.
طبول الحرب تدق في عمان، ولا أحد يعرف على وجه الخصوص، كيف ستتمكن الحكومة من منع الاحتفالية، هل ستغلق الطرقات، أم تمنع تدفق السيارات والباصات، أم أنها ستفرض تحويلات جغرافية وسياسية على الطرقات، لمنع إقامة الاحتفالية، أم ستشن حملة اعتقالات مبكرة أم متأخرة؟!.
ثم الى أي حد ستكون المواجهة مفتوحة، وأي الأطراف يريد مواجهة هنا حقا، هل تريد الحكومة هذه الحرب وتستدعيها، أم أن الإخوان يريدونها لحسابات عدة، أقلها حرق الجماعة المستجدة المرخصة، أم لإثبات القوة في الشارع، أم انهم يريدونها ايضا حربا للحسم والفصل في ذورة هذه المواجهة؟!.
ما بين لغة الوزير الخشنة، وتعبيرات الجماعة الناعمة، تقف عمان أمام مشهد خطير للغاية، لأن البلد مهدد بفوضى وانفلات، يوم الجمعة المقبل، وهي فوضى تجنبناها طوال السنوات الفائتة، ولا نريد أن يتم جلبنا الى دوامتها الدموية فجأة يوم الجمعة المقبل.
من يلام هنا، الجهات الرسمية، أم جماعة الإخوان بجسمها التقليدي، وعلينا أن نلاحظ أن من يحب الجماعة يضع اللوم على الحكومات، ومن يمقت الجماعة يتبنى الرواية الرسمية، وهكذا لا نجد تحليلاً سياسياً يخلو من هوى هنا أو هناك، فالكل يتخندق، ولا أحد يحدثك عن ان ثنائية المواجهة ذاتها، تعني تعرض ذات الاردن الى الخطر، أيا كانت مشروعية كل طرف في هذه الثنائية من حيث ذكر مبررات خشونته او نعومته؟!.
هي ذات الثنائية التي أدارت الأردن بالمناسبة خلال الخمسينيات وحتى نهاية التسعينيات، ثنائية الدولة والاخوان، ثنائية وظيفية، كبحت القوميين واليسار وتنظيمات ثورية، وأثمرت استيعابا لتفلتات الشباب، في تنظيم كبير، فوق الثمار المتفرقة هنا وهناك، من مواقع ونفوذ وغير ذلك.
ولأنها ثنائية وظيفية، انتهت غاياتها، نراها اليوم لا تطحن أحدا بين طرفي طاحونة الرحي، فلم يعد هناك خصوم مشتركون، وهذا يعني أن الصخر يريد طحن الصخر، في طرفي الطاحونة، دون أن نقصد هنا ان هناك مساواة او ندية، بين الطرفين، لكنها ثنائية وظيفية انتهت، منذ العام 2006 تحديدا لمن يعرف أسرار عمان الرسمية، ووصلت ذروة الجفاء والشكوك زمن الربيع العربي، حين اعتبرت الدولة أن الإخوان يريدون السلطة كلها، لا الشراكة في مظهر من مظاهرها!.
في كل الحالات لايمكن إلا أن نتخوف مما سيحدث في عمان يوم الجمعة، وهي دعوة للجميع، ولكل الأطراف، رسمية وغير رسمية، للتعقل في ادارة المشهد، لأن الاستغراق في إبراق الرسائل واتكاء كل طرف على مبرراته ومشروعية جغرافيته السياسية، أمر لا يكفي، فالأهم، حقن الدماء، وألا نجد أنفسنا عند الحافة، أو ما بعدها.
ثم على الجميع أن يتأكدوا مسبقا، ألا تكون هناك مفاجآت ، ففي حالات كثيرة تنزلق دول بأكملها نحو الفوضى العارمة، جراء صفعة خد، او شتيمة طائرة من هناك او هناك، فيما لا ننسى الطرف الثالث الغائب، الذي قد يريد تفجير صاعق الفوضى تسللا عبر قصة الجمعة!.
كفى الله الأردن شر القتال.