هل صار المعلم الخصوصي تاجراً؟
يهدف التعليم إلى نقل العلم والمعرفة من قبل المعلم إلى طلابه، فقيل في مديح المعلمين الكثير من الكلام الجميل؛ لجهودهم في تنشئة وبناء الأجيال، ولكن للأسف نجد أن بعض المعلمين قد حولوا مهنة التعليم إلى تجارة، ليصبح المعلم تاجراً بمسمى معلم، وأقصد بهؤلاء المعلمين معلمو الدروس الخصوصية، الذين حولوا هدف التعليم من إيصال المعلومات والأفكار، إلى الكسب وزيادة المال، من خلال الدروس الخصوصية والتي تكون بأسعار مبالغة فيها أحياناً، فمن يريد نجاح ابنه يجب أن يدفع مالاً أكثر، فهل صار المعلم الخصوصي تاجراً؟.
مع إنتشار دروس التقوية الخصوصية، والتي أصبحت جزءاً من حياة طلاب المدارس، وخصوصاً من هم في مرحلة الثانوية العامة، أصبحنا نشاهد الكثير من الإعلانات والعروض المتعلقة بهذا الشيء، مثل أدرس ثلاثة مواد والرابعة مجاناً، أو قم بتسجيل مادة وأحصل على دورة محادثة أو طباعة على الحاسوب، والتي تعلن عنها مراكز متخصصة بذلك، تعمل تحت مسمى مراكز ثقافية، ولكن هدفها الأساسي هو إصطياد الطلاب والطالبات من أجل تحقيق الأرباح المالية، ومن ثم إيصال العلم لهم، لذلك نجد أن التعليم قد تحول إلى تجارة يتم التكسب منها على حساب الطلاب وعائلاتهم، ليصبح المعلم الخصوصي تاجراً يختبأ تحت ستار التعليم، مما أدى إلى ظهور شريحة من المعلمين يعتمدون على هذه الدروس بشكل مباشر في دخلهم الشخصي، ومن الأمثلة على ذلك: أنه قد أخبرني أحد الأشخاص بأن قريبه طالب في المرحلة الثانوية، يواجه مشكلة في فهم الرياضيات من قبل المعلم في المدرسة، وعندما توجه الطالب لسؤال معلمه عن الأمور التي لم يفهمها في الدرس، قال له المعلم: سوف أشرحها لك بشكل موضح أكثر في حال دراستك للمادة خصوصياً عندي، فهل هذه إجابة جيدة تصدر من قبل معلم متعلم ويحمل شهادة جامعية؟!، أين الضمير الوظيفي عنده؟، أليس التعليم رسالة يجب أن يساهم المعلم في إيصالها؟.
إن المثال سابق الذكر وغيره الكثير من الأمثلة، يوضح للأسف تحول شريحة من المعلمين إلى تجار هدفهم من مهنة التعليم هو تحقيق الربح المادي فقط، فيقصر الأغلب منهم في واجبهم الوظيفي في المدرسة التي يعملون بها، ليكونوا مبدعين أثناء تدريس الطلاب الذين يسجلون عندهم المواد خصوصياً، وخصوصاً من هم في المرحلة الثانوية، سواءً من خلال مركز من مراكز التقوية، أو بذهاب المعلم إلى منازل أولئك الطلاب.
تؤثر المتاجرة في التعليم بشكل خطير على البيئة التعليمية، لذا يجب أن يتم تسليط الضوء على هذا الموضوع، ومتابعته بشكل دائم، فأنصح المعلمات والمعلمين الذين يعملون في مجال تدريس المواد خصوصياً، بتدريس هذه المواد في المدارس التي يعملون فيها، بأسلوب يتسم بالكفاءة والجودة العالية، وأن لا يحولوا الأسلوب الجيد والحسن إلى الدروس الخصوصية فقط؛ لأن سرعة الاستيعاب مختلفة بين الطلاب، فبإمكانهم تخصيص وقت لإعادة شرح المعلومات والأفكار التي لم يفهمها الطلاب من المرة الأولى، ومن المؤكد توجد مجموعة من المعلمين الجيدين، والذين يدرسون موادهم في المدارس، بأسلوب ممتاز يغني الطلاب عن الدروس الخصوصية، ويجب أن يكون الهدف من مهنة التعليم هو تحقيق رسالته السامية، وليس الربح الوفير، بغياب الضمير.