هوا الأردن - زياد البطاينه
هي الصحافة .....قصرها مصنوعٌ من ورقٍ,والتاجُ يرصعُه الإبداع , غلمانها أقلام ودفاتر, وجيوشها حروفٌ ثمانية وعشرون وصور. وسلاحها صدق الكلمات . وبنوكها آمالٌ وهموم, وشكاوى وحقائق وثقافات وحضارات ومسيرة شعب وقيادة, وسياسات في شتى المجالات. عربتها .. أنواع أخبارٌ –أعمدة تحقيقات- وقضايا مجتمع ومقالات-تحليلات ودراسات. ويختُها طموحاتٌ كبرى تتنقلُ بين الأوجاع, تتوهجُ في عقل الأحرار, تتوحدُ في صنع التاريخ, تمتد لتشمل مساحة الوطن المتطلعِ إلى مستقبلٍ لايعرف إلاّ الإنجازات, وجهاز استخباراتها عينان مبصرتان وأذنان صاغيتان وإحساسُ عالٍ بالمسؤولية ووجدان حي لايسقط أمام الإغراءات. لايعرفُ معنى الكيدية لايظلمُ لايأخذُ بالشائعات. قاضيها ضميرٌ موسومٌ بالصدق, معروفٌ بالعدلِ لايقبلُ ظلماً أو غشاً أو هدراً أو رشوة راشٍ منحرفٍ , أو يغفلُ إنصافاً وعطاءً وبناء وجهوداً تبذل من أجل الإنسان من أجل كرامته, من أجل سعادته, من أجل بقائهِ في عزٍّ وأمان.
سياستها .. إشعالُ شموعٍ في الظلمة, وحماية دور الإشعاع. لاترضى أن تبتز أو تُبتزَ أو تبني موقفها على ردود الفعل والأحقاد , صدرها مفتوح لايضيق بنقد أو تعليق . قلبها يخفق بالحبِّ لكلِّ صديقِ , ويدها ممدودة لكلِّ مفكر وأديب ومحللٍ وسياسيٍ وفيلسوفٍ وصاحبِ قلم وطني. جمهوريتها.. قلوبٌ عامرةٌ بحبِّ الوطن وعقول تبحث عن كلِّ مامن شأنه إعلاء كلمة الحق وصون الراية وتحقيق الأهداف ومواكبة مسيرة البناء في دولة البعث العظيم.
واليوم لاادري هل سنقول اكلت يوم اكل الثور الابيض وان الصحافة الورقيه الى زوال لادري فكم نبهنا وحذرنا ونادينا ان نرتب بيوتنا من الداخل من خلال عمليه نقد ذاتي تؤشر لمواقع الضعف قبل القوه وكم
اشار جلالة الملك عبد الله الثاني الى ان الاعلام لم يستطع للان ان يقوم بالدور الذي كان لاجله بالشكل الذي يخدم الوطن واهله وقضاياهما ولم يتطور او يتقدم ليكون كفؤا لحمل تلك الرساله العظيمه وظل جلالته حفظه الله وفي كل خطاب تكليف يوجهه لحكوماته او مناسبة او حديث يوصي بالاعلام خيرا ويطلب له ضمان حرية التعبير وفسح المجال أمام الإعلام المهني الحر المستقل لممارسة دوره كركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية.ويطلب إجراء التعديلات التشريعية اللازمة وتبني السياسات الكفيلة بإيجاد البيئة المناسبة لتطور صناعة الإعلام المحترف وضمان حق وسائل الإعلام في الوصول إلى المعلومة والتعامل معها من دون أي قيود أو عوائق وبالمقابل يطلب تعديل القوانين وتحديثها لحماية المجتمع من الممارسات اللامهنية واللاأخلاقية التي يقوم بها بعض العاملين بوسائل الإعلام وفي الاونه الاخيرة راينا كيف بدات احجار بعض الصروح الصحفيه الكبيرة ذات الشهرة والسمعه تلك التي خرجت الاساتذه وجهابذه الاعلام تتهاوى حجرا حجرا ونحن نقف مكتوفي الايدي وكذلم نرىكيف ان الاعلام ورجاله قد تعرضوا لهجمات شرسة لم ترحم ولم تراعي ولم تخصص حتى..... فكانت سهام الاتهامية والتشكيك تتناثر هنا وهناك على المؤسسات الاعلامية وعلى رجال الاعلام من كنانات بعضها مليئة بالحقد ومسيسة للنخاع اما لاجندات خاصة اومنافع اومكاسب او لجهل بقصد او عن غير قصد .....وبعضها جاء ثمار ماحصدت الادارات وحاله التيهان التي عاشتها بلا مبالاه ظانه ان هناك حكومة لن تسقطها وستقف معها ولم يكن الكثير من رجال الاعلام يجرؤ ان يدافع عن تلك المؤسسات ولا حتى هن المهنه ولا شخوصها لاخوفا ولا طمعا ولا استهانه ولكن لايماننا ان اعلامنا اصبح اسوارا يعتليها الكثير من الدخلاء الذين فتحوا بجدار الصحافة ثغرات سهله الاقتحام نحو مهنتنا المقدسة التي ارادها القائد والوطن واصبح البعض يرى فيها مناصب ومكاسب ومنافع وهو لايعرف من الصحافة الا الاسم وتحت عنوان بفلوسي او بموقعي او نزل كالقدر على الموقع مما جعل لزاما عليناكرجال مهنه عشقوها فكانوا فرسانها بحق ان يحصنوا اسوارها من هؤلاء الدخلاء وان يجتثوا تلك الاعضاء الدخيله على المهنه والتي استطاعت ان تحل على دور الصحف وتحتل مكاتب واسماء وصفات ليست لها والتي باتت تسيطر عليها نتيجه لظرف اوحال اوسبب ما.
ومر ويمر اعلامنا بشتى وسائله بطفرة كبيرة ولم يكن ليحسب للمستقبل فكان الكم لاالنوع واصبحت الساحة تعج بهم تلك الطفرة التي حقّقها الإعلام العربي عامه والاردني خاصة خلال السنوات القليلة الماضية؛ إذ تزايدت أعداد الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية والقنوات التلفازيّة والإذاعات.
الا ان الامانه تقضي ان نقول أن هذا التطور الكمّي لم يرافقه تطوّر كيفي أو نوعي نتطلع جميعاً إليه، وذلك لعدة أسباب في مقدمتها ضعف إمكانات كثير من العاملين في الحقل الإعلامي وهو الضعف الذي يدركه بجلاء كثير منا فضلاً عن المختصين والنخب الثقافية والفكرية. و على الرغم من التزايد الكبير في أعداد وسائل الإعلام والإعلاميين فإن المتميزين منهم ما زالوا قلة يمكن حصرها بسهولة والبعض قرف فتنحى ليجلس على كراسي الاحتياط ناظرا من بعيد الى مايجري منتظرا لحظة الخلاص .
وجدد جلالة الملك الدعوة مرات ومرات لصحافة حيادية ملتزمه علمية موضوعية واقعيه تعتمد الرقم والخبر الصادق البعيد عن التجريح والتهويش والمبالغه.
وكلنا يعرف ان أصناف الإعلاميين الموجودين في الساحة الآن ثلاثة:
الإعلامي الحرفي،
وهو الذي يمارس العمل الإعلامي بأسلوب وظيفي روتيني، مثلما يمارس أي موظف مهما كانت وظيفته، دون رغبة أو قدرة على الإبداع والتميز،هذا الحرفي لا يعي أن للإعلام رسالة، وما أكثر هؤلاء الحرفيين في وسائل إعلامنا! يؤكد ذلك كثير من المواد التي تُنشر في الصحف أو تُبث في التلفاز والإذاعة.
والصنف الثاني هو الإعلامي التبعي،
وهذا النوع من الإعلاميين يجمع بين المهنية وضبابية الرؤية، أو مسلوب الهوية أحياناً أخرى، هذا الغثّ الإعلامي هو الذي يسيّر كثيراً من مؤسسات الإعلام العربي، وأتباعه هم الذين ابتليت بهم الأمة، وفتحوا عليها منافذ للشر في وقت هي أحوج ما تكون إلى الثبات على المبدأ والمحافظة على الهوية، وصيانة المحددات القيميّة للمجتمع في مواجهة التغريب الإعلامي الذي تتعرض له مجتمعاتنا.
أما الصنف الثالث فهو الإعلامي المهني،
الذي يعي أن الإعلام مهنة ذات رسالة، يمنحه هذا الوعي رؤية واضحة، وقدرة دائمة على تطوير ذاته وتنمية إمكاناته.
نعم إن إحساس هذا الإعلامي المهني برسالته ووعيه بها، هو ما يدفعه طواعية لامتلاك كل ما من شأنه الارتقاء بمهنيّته، وبالتالي قدرته على أداء رسالته، فهو مشغول بتثقيف نفسه، مهموم بواقع أمته، متألم لقضاياها الناجزة، وهذا هو الإعلامي الذي نريد ونحتاج.
فجلالته كان يريد اعلاما يعمل على إبراز الإيجابيات كما هي السلبيات ولكن بحجمها الطبيعي دون المبالغة وأن تبرز الأخطاء بروح الود والنصيحة وليس بحالة التشفي، إذا كانت هناك سقطة من مواطن غريبة او حادثة مارقة على المجتمع ليس من الضروري أن نبرزها، والخطأ يحدث في كل مجتمع وأنه لولا الذنوب ما وجدت المغفرة.
لكننا بتنا نلحظ أن هناك خروجاً عن المألوف بالطرح لبعض وسائلنا الاعلامية مقرؤة مسموعه مرئية في إبراز أشياء سلبية تنهش في جسد هذا البلد الكبير بكل مابه وتؤثر سلبا على كل مرافق الحياه وتبطء من عملية تنميته والكل يعلم ويدرك أهمية الإعلام كشريك دائم للوطن وجميع شرائحه وفئاته وسلطاته القضائية والتنفيذية والتنظيمية، وهي تتفق تماماً مع ما جاء في الدستور بأن (تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة.. وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام أو يمس بأمن الدولة وعلاقتها العامة أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه .
وما جاء في نظام المطبوعات والنشر الذي أكد على (أن يكون من أهداف المطبوعات والنشر الدعوة إلى الموضوعية والصدق ومكارم الأخلاق والإرشاد إلى كل ما فيه الخير والصلاح ونشر الثقافة والمعرفة)، وما جاء في نظام المؤسسات الصحفية الذي أكد على أن (المؤسسة منشأة خاصة هدفها إصدار مطبوعات دورية يكون رائدها خدمة المجتمع بنشر الثقافة والمعرفة ملتزمة الصدق والموضوعية في كل ما تصدره من مطبوعات).
هذا هو الإعلام الذي نريد والذي يتوافق مع النظام الأساسي للحكم والأنظمة المطبقة. لأنه بمراجعة تعليقات الكتاب أو النقاد أو المحللين في بعض المواضيع القضائية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الرياضية وحتى الشؤون الإسلامية نجدها بعيدة تماماً عن هذا التوجيه .
وبمتابعة البرامج الحوارية وخاصة بعض البرامج او المقالات و الاخبار حتى او التقارير نجدها تخرج عن نطاق الموضوعية والكلمة الطيبة والود والاحترام بل ويظهر فيها الكثير من الانحراف عن ما يجب أن يكون عليه الأمر.
وكما يطلب منا احترام القلم يطلب من القلم احترام عقولنا وخصوصيتنا وان يحترم القوانين والتعليمات لأن ذلك كله يصب في خير البلد ويجسد حب القيادة والبلد والامه حيث يجب أن يساهم الإعلام برفع الحس والوعي الأمني للمواطن والمقيم ونكون عوناً في مكافحة العنف الأسري والمخدرات والتستر والجريمة المنظمة وغسل الأموال، وعلينا أن نعلم أن التعليم يمر بمرحلة تطويرية هامة وشاملة بجميع مراحله ما قبل وما بعد الجامعة ومعها برامج الابتعاث للعلوم والتقنية وهو الحدث العلمي الأبرز على مستوى العالم خلال قرون مضت وهذا يتطلب من الإعلام أن يكون داعماً لهذا التطوير الشامل والاصلاح والتحديث الهام للأجيال والوطن على حد سواء والذي سيحدد هويتنا ومستقبلنا في صراع الهوية والثقافة والعلم والمعرفة. وكل هذه التحديات الوطنية بحاجة إلى إعلام داعم يؤثر إيجاباً في النقد الهادف والبناء وليس الهدم والتجريح وتضخيم الأخطاء والتجريح بالأشخاص واستباحة خصوصياتهم وكرامتهم كما هو حادث وبأسف شديد في حالات كثيرة في الإعلام.
والمطلوب من الإعلام ورؤساء تحرير الصحف المحلية التي بات البعض منها وحتى من الصحف الكبيرة يعتمد على المواقع الالكترونية وفتاتها منتظرة ردود الطرف الاخر حتى تقوم بنشر الخبر والبعض اكتفى باخبار العلاقات العامه التي تتجمع لديه من هنا وهناك والبعض يسرق الماده فيقلبها او يغير في اسطرها والبعض يكتفي باضافه اسمه على المادة المحررة حتى باتت لاتجد من يشتريها .
وكذلك رؤساء تحرير المجلات ومديري البرامج والقنوات الفضائية المطلوب القيام بمراجعة شاملة للعاملين في الوسط الإعلامي وأن يستعينوا بالمتخصصين في المجالات التي يعتمدونها الطب والقانون والتعليم والإعلام والاقتصاد لاصحفي شامل ليكونوا قادرين على نشر التوعية والمعلومة الصحيحة للعامة، والنقد الهادف للبرامج والأداء العام وليس تصيد الأخطاء والبحث عن العناوين المثيرة بلا مضمون أو هدف.
علينا أن نبتعد عن العصبية والعنصرية والفردية في الطرح ونتوجه نحو الوطنية والموضوعية والصالح العام في كل صور الإعلام وفق الدستور والقانون وما رساله جلالته الا دعوة للقيادات الإعلامية بمختلف وسائلها لأخذ هذا التوجيه نبراسا للعمل الإعلامي في القادم من الأيام لحماية الوطن وتحصينه ودعم جهود تطويره وإقصاء كل مخالف لهذا التوجيه خارج العمل الإعلامي.
.