الأمير لايحتاج ..وجاهة
هؤلاء هم العرب تاريخيا، فلا جديد، في كراهيتهم وانقسامهم، وميلهم إلى الآخرين على حساب أنفسهم، وهو موروث طويل من خيبات الأمل في مشرقنا.
في قصة الأمير علي بن الحسين، وترشحه لرئاسة الفيفا، كلام يستحق أن يقال، دون خجل أو مجاملة لأحد، أو خوف من أحد، فأقنعة كثيرين تساقطت واحدا تلو الآخر.
يعبر الأمير قبل يومين، عن أسفه ازاء انقسام العرب تجاهه بشأن ترشحه للفيفا، ثم يعبر عن صدمته من موقف الكونغرس الآسيوي، في ترشحه لرئاسة الفيفا، والأمير يعرف مالا يعرفه كثيرون، عن حساسيات العرب، وظن كل واحد فيهم، أنه المؤهل لرئاسة الفيفا، وإلا فلتذهب إلى جوزيف بلاتير، نكاية بأي عربي آخر.
ولان السياسة لاتبتعد عن الرياضة، تسأل نفسك عن الدول العربية التي تمد يدها إلينا ليل نهار في علاقات جيدة، لكنها في الرياضة تنقلب على الأردن، لان فلانا في تلك الدولة مثلا « كبير الرأس» لايرد رأسه أحد، ولا يستمع لاحد، ولايريد منح الراية للأمير، لسبب شخصي، أو ادعاء بوجود تفاهمات مسبقة تم التوافق عليها لمرشح آخر.
والأمير علي بن الحسين، لم يأتِ باحثا عن وجاهة، فهو أمير ابن ملك وشقيق ملك، ومن بيت عربي هاشميّ، فوق بيوت العرب، دون استثناء، فالتاريخ والأرث، لاتتم صناعتهما، بل هو واقع، ولان غيره يريد مجدا شخصيا، لايناله لاعتبارات كثيرة، فهو يفضل ألاّ يدعم الأمير، بل يذهب ليصوت لبلاتير الذي يستمتع بأنقسام العرب، وهو الفاسد والغارق في الشبهات، وكأن العرب يقولون علنا إنهم يريدون الفاسد، ولايتورع البعض ربما بعد قليل عن اعلان الشراكة مع هذا العجوز الذي تحوم حوله قصص وحكايات.
وقصة الأمير ليست قصة خبرات، حتى لايأتي من يطعن في سجل القدرة والخبرة، والعرب آخر من يتحدث عن القدرة والخبرة، فمازالوا «عرب جاهلية» يحبون ويكرهون، وعلى هذا الأساس يقررون موقفهم تجاه اي مرشح عربي لاي موقع دولي.
أيا كانت النتيجة ، فوز الأمير لرئاسة الفيفا أو عدم فوزه، فان هذه النتيجة ليست أردنية حصرية، وعدم فوزه يعني الاستخلاص الذي نعرفه، فالعرب أدمنوا الزحف على أربع، ويفضلون ان يمتطي مستقبلهم أي شخص غير عربي.
العرب ذاتهم تتنازعهم الغيرة والكراهية، وكل واحد من رؤوس الرياضة في دول كثيرة، يظن انه لقدرة او مال او نفوذ انه المؤهل بدلا من الأمير، وبما انه لم يترشح، فالاولى اغراق مركب الأمير وان يخسر العرب معا، في كل هذه القصة.
حسنا.ليست أول مرة ينقلب فيها العرب على أمراء أردنيين في ترشيحات مختلفة، غير ان الفارق هنا، واضح مثل الشمس، فلو نجح الأمير او لم ينجح، يبقى أميرا عربيا، من عائلة بارزة وكريمة لها ارثها، ووجاهة الامير موروثة وطبيعية،لاتزيد فيها رئاسة الفيفا سطرا واحدا، بل على العكس، ترشيح الأمير لهكذا موقع دليل على ان من هم مثله ليسوا أسرى لالقابهم وحياتهم، بل يسعون إلى ان يتركوا بصمة في هذا العالم.
ثم نسأل العرب عواصم وشعوبا وأنظمة، عما يعنيه لاحقا، خذلان الأردن في هكذا ترشيح لرئاسة الفيفا، خصوصا، ان للزمن دورته، وهي دعوة هنا للعرب على مستويات مختلفة شعبية ورياضية واعلامية وسياسية ان يدعموا ترشيح الأمير، وان يكون لهم كلمة في بلادهم بدلا من هذا التشرذم العربي في كل شيء..من السياسة الى الرياضة.