مدير الأباريق
حكاية شعبية قديمة يعرفها بعضنا ونتداولها لكن اعادة روايتها احيانا يبدو ضروريا ومفيدا ، والحكاية تخص شخصا كان يبحث عن وظيفة في بلد ما من عالمنا العربي، وكان له قريب مسؤول بحث له حتى وجد له وظيفة في احد المساجد ، وظيفة لا علاقة لها بالصلاة ورفع الاذان ولا حتى تنظيف المسجد بل بأباريق الوضوء التي كان الناس يستعملونها من البلاستيك للوضوء ، وصدر القرار بتعينه مديرا للأباريق.
اندهش الرجل من الوظيفة التي نقلته من عاطل عن العمل الى مدير وسأل قريبه المسؤول عن واجبات الوظيفة ، فالاباريق موجودة منذ زمن بعيد ويستعملها الناس دون ان تحتاج لمدير او حتى رئيس قسم او حتى لمستشار للامام لشؤون الاباريق ، لكن المسؤول وهو من صنف الاذكياء الذين يتقنون « اللف والدوران » ، ومن الذين يعتقدون انه كلما كانت كمية ما يقذفونه من حديث امام الجمهور كلما كانت امكانية تصديقهم أكبر ، وهي وجهة نظر تحتاج الى اختبار مع نماذج مشابهة.
هذا المسؤول اخبر قريبه ان عليه ان يجلس على كرسي بجانب الاباريق وكلما جاء شخص لأخذ ابريق وتعبئته بالماء فان عليك ان تطلب منه أن يأخذ ابريقا بلون مختلف ، فاذا حمل مثلا ابريقا اخضر فاطلب منه ان يتركه ويأخذ ابريقا احمر ، وهكذا تصبح لك مهمات ولوجودك ضرورة وكل قادم للمسجد يريد الوضوء لن يمد يده الى ابريق الماء حتى ينظر في وجهك ليستأذنك في لون الابريق الذي يأخذه ، وتصبح اقامة فريضة الصلاة لا تكتمل الا بوجودك فلا وضوء دون ان تحدد لون الابريق ولا صلاة دون وضوء.
هي حكاية لا ندري هل ما زالت مستمرة وما زال داخل ذلك المسجد مديرا للأباريق يختار لكل راغب في الوضوء لون الابريق ، وحتى بعد نهاية « عهد الاباريق « هل ما زال هناك مديرا للحنفيات يختار لكل قادم للوضوء أي حنفية يفتح ويتوضأ منها ، ربما وربما لا ، لكن ما هو مؤكد انه لا كتب الفقه الاسلامي ولا كتب الادارة فيها وظيفة مدير الاباريق ، وان الصلاة مستمرة قبل تعيين المدير وبعد تقاعده او رحيله بقدر الله تعالى او بقرار بشري.
ولعل فئة من مدراء الاباريق من الذكاء والفهلوه بحيث يمكنك الاستماع الى محاضرات منهم حول اهمية دورهم ، ، وربما اعتبار عمله جزءاً من شروط صحة الوضوء ، وربما في تنمية الاوطان والدول والانسانية.