بس أشوفهم
في مثل هذا الوقت من السنة كانت تشيع زيارات «الخطّاطات» اللاتي يدخلن دون استئذان من البوابات وبأيديهن بعض معالق ومغاريف الألمنيوم يعرضن بضاعتهن لربّات البيوت ، وعندما يتمّ الاعتذار منهم او صدّهن لكثرتهن...كن يعرضن خدمة «الخطّ» او قراءة الحظ والمستقبل ، من خلال رمي بعض الحصى و الصدف او مسك المسبحة بين الأصابع..ولأن الناس طفرانة وفقيرة والمروحة على «كبسة واحدة» ولا يوجد لديها أي وسيلة تسلية أخرى في نهارات الصيف كان يُطلب منهن ان ترى الطالع من باب تغيير الجو لا أكثر...للأمانة كان يدهشني ذكاء «الخطّاطات» أو «البصّارات» فإذا رأت ربّ الدار ثوبه «مبخّش» نتيجة الاستخدام المتكرر «للتتن»، ولحيته طالعة والفقر «متعربش» على مثلث شواربه واذا ما نظرت في حلقه رأيت الجيش الحر في إدلب ..كانت تقول له الخطّاطة : جاييتك رزقة كبيرة وتوصفها بيديها ، ثم تهمس وفي بيتك «دهب جوا الحوش...جرن وحردون وبريعص دهب» .... وهاي لحية «شهلا « ثم تمسح لحيتها ذات السيّال الأخضر.. قول ان شاء الله ..فيبتهج الرجل على هذه الوعود المدهّنة بزبدة الأمل ويبدأ يفحج نحو الحوش بحثاً عن «البريعص» المطعّم بــ»قشل»...
أما إذا كان من طلب منها قراءة الطالع شاب عازب و»جوزته طاقّة» وعيونه تقدح شراراً ، فإنها تبشّره بخبث عن قرب زواجه وأن عروسه سيكون اسمها «نورا» ..قول ان شاء الله...أصلا ليس لديهن في معجم الأسماء سوى اسم «نورا وفاطمة وعيشة»..فيبتسم الشاب ويمسح ريالته بــ»قبة قميصه»... واذا كانت صاحبة البيت قد دخلت سنّ اليأس من أوسع أبوابه ..والحجي «طافي وصاف ع اليمين» فإنها توهمها بأن «حبلها» قريب وسيأتيها طفل أبيض البشرة يسمونه «نوري» ان شاء الله ...وقولي ان شاء الله..وفي نهاية الجلسة كانت تخرج بغنائم لا بأس لها من « فراطة عادة تستخرج من إحدى سقّاطات الأولاد»..و»وجهين للوسائد «..و»جلن زيت زيتون توضع بعبوة زيت عافية حجم 1.5 ليتر»..
***
على طريقة «الخطّاطات» ومحاكاة لهوى السامع...أحد مراكز الدراسات أظهر استطلاعاً أخيراً يظهر فيه ارتفاع شعبية حكومة وان 66% من الأردنيين يرون ان الأمور تسير بالاتجاه الصحيح...قولوا ان شاء الله...
فقط أريد ان اعرف أو أتعرف على أحد من شريحة العينة إذا ممكن ...يعني عندي رغبة جامحة للتعرف وجهاً لوجه ولو على فرد واحد ...فقط لأتأكد ان كان هذا الشخص مقيم بيننا ام انه «القرين» المناوب مع دولة الرئيس ؟ منذ ثلاث سنوات والناس تشكو من العقبة إلى الرمثا ، ولم أجد كائنا حيا راض عن اداء الحكومة ويحبها من قلب وربّ ويرى أنها تسير في الاتجاه الصحيح حتى ( هذيك اليوم قط .. طلع من عند معاطة الجاج وهو يماوي حسيته بيشكي من الوضع الاقتصادي) ...
اذا شعبية الحكومة منخفضة في موريتانيا واريتريا جيبوتي فهل سترتفع هنا...يعني نتمنى ان يكون لدينا مراكز دراسات علمية منهجية تضع سماعتها على نبض الشارع لا على جيب الدافع!...
زهقنا شغل الخطاطات.. قولوا ان شاء الله.