بداية مخزية لصيف عنيف
أكثر من حادثة عنف خلال يومين عبرت عنها أشكال عديدة، ومنها مقتل طبيب أمام منزله، ومقتل اثنين في مشاجرة عائلية، وبين هذه وتلك اعتداءات بالجملة لموظفين على مكاتب استاذة جامعات وطرد نواب أحد رؤساء الجامعات من مقرات عملهم، وكل ذلك لا ينفصل عن التوتر الذي يصيب المجتمع والمواقف التي باتت محل تندر الناس في الخارج علينا.
فأن يقتل طبيب أمام منزله بعد كل الجهود للحيلولة دون الاعتداء عليه من قاتله وتأخر توقيفه واعتقاله الذي باء بالفشل، وأن تجري احداث العنف من قبل الموظفين في الجامعات وبهذه الصورة الساخطة، فهذا أمر لا يتعلق بسمعة التعليم وحسب، او بفاعلية اجهزة الأمن في ملاحقة مطلوب أو لا، بل بهيبة الدولة، وبحكم القانون وسلامة المجتمع، وكل هذا يجري في بداية موسم سياحي يعلق الناس آمالاً عليه لانعاش اقتصاد البلد وتحويلها لجهة جذب سياحي.
اليوم تتعرى البنية المجتمعية ونجد أنها هشة، وأن الحديث عن الخلق الأردني والقيم الاردنية بحاجة ماسة للمراجعة، وأن المستوى الذي بلغناه في فهم معنى الدولة بات في أدنى درجات السلم، وأن الحديث عن إيماننا بسلامة المجتمع بحاجة أيضا للمراجعة والتبصر، وكل ذلك لا ينفصل عن جملة أخبار فضائحية تنتشر على أنها في الأردن، وفجأة نجدها قد جرت في دولة عربية أخرى.
كل هذا يجعل المواطن يسأل: ما قيمة ما يخطط له من أجل المستقبل، وهل سنصل إلى مستقبل أفضل وبالصورة التي نتمناها أو نخطط لأجلها، في ظل واقع ضاغط ومشكلات تنذر بصورة مهشمة بات من الصعب جمع حطامها؟ الجواب نعم، بالإمكان العودة والمعافاة وبالإمكان تقليل حدة العنف، ولكن بشيء واحد هو سلطة القانون التي هي السلطان الحقيقي على الناس.
إن البقاء في رهان المجتمع والعنف أمر غير مقبول، لكن المطلوب من قيادات الجامعات والمؤسسات الوطنية القوة والعدالة والصرامة والاستجابة لمصلحة الجامعات وليس لمصلحة فئات غاضبة، وهي إن كان لها حق بالقانون، فجدير بادارات الجامعات منحها إياه، ولكن أيضا وجود الحقوق والمطالبة بها، لا يمنح أي فرد حق الاعتداء على مكان العمل وتهديد الناس العاملين به.
إن ما يجري منذ مدة في نقد المؤسسات لهو عامل ممهد لتفكيكها وبخاصة التعليمية، ولا ينفصل عن مسار طويل من غياب سلطة القانون وانعدام العدالة بين الموظفين، وهذا يسري على المعلمين وعلى القضاة وعلى كافة موظفي الدولة، وعلى المعينين الجدد، وعلى الطلبة المبتعثين في الجامعات، فثمة غياب للعدالة، فالطالب المتفوق في الثانوية على مستوى المملكة لا يحصل على منحة كغيره من الطلبة المبتعثين من عدة جهات. وكل هذا يوّلد الغضب والشعور بجدوى الاحتجاج.