كلاسيكو النكبة وضرورة إدخال الاحتراف السياسي
احتاط الرجال كثيرا قبلها ، وتسلّحوا بما تيسر من ادوات الصمود ، حافظ كل فرد منهم على اسلحته قبيل المواجهة ، صمت مطبق اجتاح الرجال خارج المنزل ، وكانت النساء على موعد مع الاطفال المجهزّين بكل ادوات الصمود والفرح اذا وقع النصر ومتجهزّين للهروب اذا وقعت الفاجعة ، وجاءت النكبة ، فعودة الرجال من ساحة المعركة ستكون مريعة ، وسيُحمّل كل رجل مسؤولية النكبة لطرف من الاطراف الا نفسه ، وسيخشى الرجال من نظرائهم صبيحة يوم النكبة الجديدة .
تزنرت النساء بالفشك ، واحتاطت كل امرأة بما تيسر من لزوم المواجهة ، دلال القهوة وترامس الشاي وما تيسر من اطعمة ، فالرجال على شفير المواجهة والنتائج غيرمحمودة العواقب ويجب ان تبقى الأعين مفتوحة فأي غفلة سيتسلل منها الاعداء ويدكون الحصون ، وتكون الفاجعة الممتدة حتى المواجهة القادمة ، وحتى الاطفال لبسوا ما تيسر من عُدة الحرب وعددها ، فإما احتفال بملابس النصر واما هزيمة تنتهي بطي الملابس في « بُكَج « والاسراع في اللجوء الى مناطق آمنة من قصف الاحذية وما تيسر من بصاق .
في ذكرى النكبة الممتدة الى عواصم كثيرة ، افسح الرجال اماكنهم للتنافس الكَروي المفضي الى نكبة تفوق ذكرى نكسة نكبة فلسطين « بحكم انها الذكرى ال 67 للنكبة « ،اجتاحت مواقع التواصل الاتراح والافراح ، فقد انتصر البرشا وخسر ريال مدريد ، احلام الناس تبعثرت والمسيرة القادمة من حيفا الى القدس تعثرّت مرات ومرات بقذائف رونالدو ومراوغات ميسي ، الرجال تجمّعوا في المقاهي واسلحة الريموتات بقيت على أهبّة الاستعداد للانتقال من صوت احمد سعيد الريالاوي الى احمد سعيد البرشلوني وظلّت حناجر المعلقين الاشاوس تقود المعركة وتداعب شهوات الرجال بالفوز .
نساء مشجعي ريال مدريد أطفأن الانوار باكرا ونصحن اولادهن بالنوم مبكرا قبل عودة الفارس المهزوم من الكوفي شوب ، فيما اطبق الصمت على الاسرة التي حضر رجلها المباراة في المنزل ، بعكس انوار منازل مشجعي برشلونة التي تزيّنت لولوج ليلة قد تسفر عن ارتفاع نسبة المواليد في العام القادم وارتدى الصبية ملابس الفريق الفائز واختالوا فرحا امام الوالد المؤسس ، فقد حقق الوالد نصرا مؤزرا على رفاقه في العمل وسيدخل مؤسسته صبيحة يوم النصر مكللا بالغار .
قدح بالمصطلحات الكروية وتباهى بعدد مرّات الفوز ، ومناكفة كروية على الصعيد الوطني ، رونالدو تبرع بحذائه لاطفال غزة وبملايينه لضحايا نيبال يقول مشجع ريال مدريد ، فيما يمارس غوايته وهو ينشر صورة ميسي بالقلنسوة الصهيونية وكيف انه خائن للقضية ، فيرد البرشلوني بكل طاقته مدافعا عن الصورة التي قام بتركيبها خائن ريالاوي ، وكيف ان ميسي له مدرسة كروية في غزة وقام بزيارتها بعد القصف الهمجي فلا داعي لتزوير تاريخ الرجل النضالي ، فهو يلعب لفريق كتالوني مضطهد من الامبريالية الاسبانية .
النكبة مفتوحة على نكبات ، بعد ان بات عدد اللاجئين العرب يفوق تعداد مشجعي اكبر الفرق شعبية في العالم ، وبات التنافس على تشجيع النوادي الاجنبية وتصفية الروح الوطنية في ملاعبنا الكروية ، امة تبحث عن نصر حتى ولو كان النصر مستوردا ، امة تبحث عن الفوز الاجنبي داخل الملاعب العالمية بعد ان فقدت ثقافة النصر حتى في كرة القدم وسائر الالعاب الرياضية ، لن تحقق النصر في اي مضمار حياتي ، فنحن لا نعرف نكهة الفوز الا بالاستعانة بالاجنبي ، ورأينا كيف ان ابطال العرب في الملاعب الرياضية والميادين الاولمبية لا يتحدثون العربية اصلا .
تُرى هل فقدنا الحل بالتعارف مع النصر الا من خلال الاحتراف الرياضي واستيراد اللاعبين ، لذلك اقترح على وزارة التنمية السياسية ادخال الاحتراف في السياسة والسماح للاحزاب بشراء المفكرين والسياسيين وقد نفتح باب الاحتراف في مضامير اكبر .