سمك لبن تمر هندي!
هل هي ميزافيزيقيا القرن؟ هل ثمة عقل يمكن أن يستوعب، الحكم بإعدام شهيد، مات، وشبع موتا؟ أم إعدام أسير يقبع في زنازين العدو منذ نحو عشرين عاما؟ أي ثقة تبقى في قضاء السمك لبن تمر هندي؟
حسن سلامة مثلا، اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 19 عاما، ويقضي حكماً بالسجن 48 مؤبدا، ومدان بقتل العشرات من جنود الاحتلال، يقول الخبراء أن عملياته التي نفذها ضد الاحتلال أسقطت حكومة بيريس عام 96، وفاقمت الهجرة العكسية من الكيان الصهيوني، بالأمس يحكم عليه القضاء المصري بالإعدام! كما يحكم على القائد القساميي الفذ رائد العطار بالإعدام، مع إن اسرائيل اغتالته قبل 7 أشهر، وقد اتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن قتل 145 جنديا ومستوطنا صهيونيا!
الإعلام الصهيوني، كما يقول الكاتب المتخصص بالشؤون الإسرائيلية الدكتور صالح النعامي، يخرج عن طوره في امتداح النظام المصري بعد الحكم بإعدام مرسي، لكن المعلقين الصهاينة غير مستوعبين أن يصدر أحكاماً بإعدام شهداء وأسرى فلسطينيين لدى الاحتلال، ويقول أن حكم قضاء مصر الحالية بإعدام شهداء وأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال يفسر حماس اليمين الصهيوني الديني المتطرف الكبير لنظامه، ويفسر لماذا تبدي الوزيرة الليكودية ميري ريغف إعجابها برئيس النظام وهي التي وصفت الآذان بأنه «صراخ كلاب محمد» وتدعو جهاراً إلى تدمير الأقصى!
لماذا يحتفل الصهاينة على هذا النحو المجنون بما يفعله قضاء مصر اليوم؟ كيف نفسر ما ورد في تلك الرسالة التي بعثت بها دبلوماسية صهيونية شابة كلها دعم وتأييد غير مسبوق لنظام مصر ونشرت عبر موقع صحيفة «يديعوت أحرنوت». مساء الأحد الماضي؟
تمتدح روت فيرسلمان لاندو، التي سبق أن عملت دبلوماسية في السفارة الصهيونية في القاهرة، وعملت بعد ذلك مستشارة للرئيس الصهيوني السابق شمعون بيريس بعنوان: «يا سيسي سر وشعب إسرائيل معك». رئيس النظام المصري بشكل خاص بسببب «تعامله الحازم» مع حركة حماس، خلال الحرب الأخيرة على القطاع، وإصراره على التعامل فقط مع قيادة السلطة الفلسطينية بوصفها القيادة «الشرعية» للفلسطينيين.
وتقول أن أكثر ما أثار إعجابها خلال الخطاب الذي ألقاه السيسي أمام مؤتمر «إعادة إعمار غزة» حرصه على تجريد «حماس» من أي مقوم من مقومات الشرعية في القطاع، سواء الواضحة أو الخفية من خلال تشديده على أهمية السلطة الفلسطينية، ورئيسها كزعيم وحيد للشعب الفلسطيني، كما تنوه لانداو إلى أن السيسي ضمّن خطابه دعماً للموقف الصهيوني الرافض لتحركات محمود عباس في الأمم المتحدة من خلال تشديده على ضرورة حل الصراع عبر توافق ثنائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بل إنها تؤكد أن بإمكانه مساعدة «إسرائيل» على مواجهة المواقف «المتطرفة» التي تعبر عنها الحكومة التركية في عهد الرئيس رجب أردوغان.
كما تمتدح «جرأته» في التعاون مع «إسرائيل» في مجال الطاقة وعدم تردد مصر في عهده في عقد صفقات الغاز مع إسرائيل، والحرص على المجاهرة بالتعاون مع «إسرائيل» وإعلانه على الملأ وليس في الغرف المغلقة!
البعض يفسر هذه المواقف المصرية، سواء الأحكام «القضائية» المضحكة، أو إعلان المواقف الشاذة، وكأنها محاولة للتأثير على دول الخليج، وخاصة السعودية، للعودة إلى سيرتها الأولى في إغداق «الرز» على مصر، ولكن إن صح هذا التحليل، فهو ضرب من الهبل الذي يثير التقزز، وانتظار ربيع من نوع آخر، ملطخ بدم القهر، وجوع الفقراء، وعذاب المسجونين قهرا وظلما!